حتى في تركيزه على معالجة الاستحقاقات الداخلية الأمريكية، لم يفصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الاستحقاقات الخارجية التي وعد أثناء حملته الانتخابية بمعالجتها؛ لوقف النزف الاقتصادي الكبير الذي يتطلبه التدخل الأمريكي عسكرياً في أكثر من بقعة في العالم، والصرف بأموال ضخمة تتجاوز المليارات، ومعالجة التآكل المتواصل لصورة ومكانة الولايات المتحدة الأمريكية في الخارج.

الرئيس أوباما استهل عهده في التصدي بشجاعة لمعالجة انتهاكات حوق ممن اتهموا بتهديد أمن أمريكا، من خلال ما سنته الإدارة السابقة في قوانين، ومارسته من إجراءات متخذة في (فوبيا الإرهاب) أداة لفرض إجراءات وسن قوانين تحد من حرية المواطنين الأمريكيين، وتصادر كرامة الإنسان في خارج أمريكا، مثلما حصل لمعتقلي جوانتانامو. ولهذا فقد جاءت القرارات التي اتخذها الرئيس الجديد والتي عالجت هذه الخروقات لتحقق بعضاً من وعوده أثناء حملته الانتخابية، تلك القرارات التي حظيت بتأييد وتقدير من الأمريكيين وغير الأمريكيين على حدٍّ سواء.

وإضافة إلى تصديه للأزمة الاقتصادية العالمية، والتي مصدرها وسببها أمريكي، من خلال إصداره قرارات أولية لمعالجة الأزمة، ومواصلة الاجتماعات واللقاءات مع المختصين لإنهاء الأزمة ومعالجتها علمياً حتى لا تعود مرة أخرى، وكون هذه القضية مهمة جداً داخلياً وخارجياً؛ لأن المواطن الأمريكي هو المتأثر بقوة بسبب استمرار الأزمة، والتي تحاصر حياة المواطن الأمريكي في مسكنه المهدَّد بالطرد منه، ورفاهيته، وما كان يحصل عليه من مساعدات ودعم فيما يقدَّم من خدمات تعليمية وصحية واجتماعية. ولهذا فإن هذه القضية تستأثر باهتمام كبير من قبل أوباما، لما تشكله من ضغط محلي بوصفها قضية رأي عام أمريكي ودولي. وهو ما يجعل الرئيس يضعها في أول سلَّم أولوياته.

ولكن، تنوع هذه المعالجات والتصدي عملياً وعلمياً للمشاكل والأزمات القائمة واستنباط حلول مجدية لم تثنِ الرئيس عن المضي قدماًً في تنفيذ وعوده الانتخابية التي من أهمها الوجود العسكري الأمريكي خارج أمريكا، وبخاصة التواجد العسكري المكثف في العراق وأفغانستان؛ فكان الرئيس أوباما قد وعد بسحب القوات الأمريكية من العراق في غضون 16 شهراً، ولإنجاز وعده وتأكيداً لاهتمامه بهذه القضية، فقد بادر وبعد أيام قليلة من تسلم منصبه إلى عقد اجتماع مع قادته العسكريين الكبار وطلب منهم وضع خطط لانسحاب عسكري مسؤول من العراق، ونقل عن أوباما في اجتماعه مع كبار القادة العسكريين في نهاية يناير الماضي، أبلغ قادته بأنه سوف يتخذ (قرارات صعبة) تتعلق بالحرب في أفغانستان والعراق. وهي بالإضافة إلى تنفيذ وعود الرئيس الأمريكي تظهر بأن معالجات الإدارة الجديدة للبيت الأبيض مستمرة وأنها ستفرز نتائج إيجابية تفيد المواطن الأمريكي بقدر ما تحمل فوائد أخرى للعالم الخارجي وبخاصة المناطق والدول التي تأثرت بإجراءات الإدارة السابقة.

***