Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/02/2009 G Issue 13282
الأحد 13 صفر 1430   العدد  13282
شيء من
ثقافة حقوق الإنسان
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

في كل مرة أكتب فيها عن شأن حقوقي، أتلقى كماً هائلاً من الرسائل الجوالية، والرسائل المكتوبة، والفاكسات، والتعليقات في الشبكة العنكبوتية، أغلبها تعترض على ما أكتب.

أعرف أن من يتصدى لقضايا مثل القضايا التي أكتب عنها، سيواجه في البداية بالرفض، والممانعة، والصخب والجلبة، وكذلك الشتم والتجريح أيضاً، غير أنني على يقين لا يخالجه شك أن الزمن كفيل بامتصاص هذه الغضبة (المضرية)، ليتم التعامل مع ما أطرح شيئاً فشيئاً بموضوعية وعقلانية؛ فالمسألة كما علمنا التاريخ مسألة وقت، ورهان على الزمن، والوعي الحضاري؛ غير أننا معنيون - أيضاً - باختصار هذا الوقت ما أمكن.

وقد أشارت دراسة متخصصة صدرت مؤخراً، بتمويل من فرع حقوق الإنسان في مكة المكرمة إلى أن 94.3% من السعوديين يجهلون ثقافة حقوق الإنسان؛ واحتوت الدراسة - أيضاً - على مؤشرات يندى لها الجبين حضارياً.

وقبل أيام زرت مقر هيئة حقوق الإنسان في الرياض التي تم إنشاؤها كمنشأة (حكومية) لتكريس ثقافة حقوق الإنسان في المملكة، واطلعت على الجهود والمكاتبات والمتابعات التي تبذلها الهيئة، ممثلة في رئيسها معالي الأستاذ تركي السديري وبقية زملائه.

الهيئة تعمل في اتجاهين:

الأول: تكريس ثقافة حقوق الإنسان في ذهنية الإنسان السعودي، وبالذات النشء الجديد، إضافة إلى مخاطبة الجهات الحكومية في ما يتعلق بانتهاكات هذه الحقوق، وتسجيل اعتراضهم على هذه الانتهاكات.

الاتجاه الثاني: الدفاع عن صورة المملكة في الخارج، والتعامل مع الضغوط التي تواجهها المملكة من المنشآت الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

هذه النقطة تحديداً هي الأصعب في المعادلة. السبب أن هذه الثقافة جديدة على مجتمعاتنا، فضلاً عن أن تكريسها يحتاج إلى عاملي الزمن والتوعية، وكلاهما مرتبط بالآخر. وفي الوقت ذاته لا يمكن لنا تجاهل الضغوطات الخارجية، فنحن جزء من العالم، أن (ننعزل) عنه، وعن قيمه، ولا نهتم بما يقول عنا، معنى ذلك أننا لا نعيش العصر، ولا نتعامل مع حقيقة التقارب بين الثقافات التي هي إحدى السمات التي تحكم عالم اليوم؛ أن نقنع الآخرين بأن المسألة مسألة وقت وثقافة، ولا يمكن القفز على عامل الزمن، هو مكمن الصعوبة هنا.

لذلك أجد ألا مناص من الإفصاح و(بشفافية) عن الضغوط التي تتعرض لها المملكة، ونشرها، لنشرك المواطن في الوعي بها، ونحن بهذه الممارسة ندخله إلى (المعمعة) ليكتشف أن القضية أكبر وأخطر مما يتصور.

أعرف أن هناك من سيطالب برفع راية الصمود والتحدي، والتعامل مع هذه القضية (باللامبالاة). غير أن رهاننا الحقيقي ليس على أصحاب العواطف الساذجة، والبطولات (الجوفاء)، وإنما على تنمية العقول والارتقاء بالوعي، والطريق إلى ذلك لا يمر إلا من خلال الشفافية. دع المواطنين (يعرفون ويطلعون)، وسيسيرون في الاتجاه الصحيح المواكب للقيم العالمية لحقوق الإنسان. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد