Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/02/2009 G Issue 13282
الأحد 13 صفر 1430   العدد  13282
في كلمة ألقاها في (مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة للدين) في صنعاء
د. التركي يحذر من خطر تجريد الحياة البشرية من الدين ويدعو لدراسة الأسباب الحقيقية وراء الحملة العدائية

 

صنعاء - واس

شدد معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي على أهمية التحذير من خطر تجريد الحياة البشرية من الدين الذي هو مصدر الأخلاق الأساسية التي يقوم عليها الأمن الاجتماعي الإنساني. وأن الانحراف بالدين عن وظيفته الحقيقية في الحياة البشرية، كان أحد أهم الأسباب التي جرَّأت على ادعاء أنه يعوق التآلف والتآخي بين أبناء الأسرة البشرية، ويثير الأحقاد والحروب بينهم، مع أن دعوات الأنبياء المستعرضة في القرآن الكريم، تثبت أن الدين على العكس من هذه الادعاءات الباطلة.

جاء ذلك في كلمة ألقاها في مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة للدين الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية وافتتحه أمس نيابة عن فخامة الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور وأشار التركي إلى أن موضوع تبرير الإساءة إلى الدين بصورة عامة، وإلى الإسلام بصورة خاصة يظهر بحق الإنسان في حرية التعبير عن أفكاره في وسائل الإعلام وهو يعالج من شقين يكمل أحدهما الآخر الأول البحث العميق في الجذور والأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الحملة العدائية للدين وتجرئ الناس عليه والثاني البحث في استراتيجية عملية ومفصلة لمواجهة هذه الأسباب.

ونوه أمين عام رابطة العالم الإسلامي بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، في الحوار بين القيادات الدينية في العالم التي ركزت على المسارعة إلى إنقاذ البشرية من التردي الأخلاقي الخطير الذي وقفت على شفيره، وأن ذلك لا يمكن إلا بالتوظيف الصحيح للدين في بناء الشخصية، والتي ترتكز على عبادة الله والإحسان إلى الناس.

وقال: هذا ما ركز عليه خادم الحرمين الشريفين في مناسبات عدة، ومن أبرزها مؤتمر الحوار في مكة ومدريد، إشفاقاً منه

? حفظه الله ? على الإنسانية وما تعانيه

من مآس لا تخفى، إن الإعلام في العالم الإسلامي بدأ يكتسب خبرة احترافية جيدة، ولكنه يحتاج إلى جهود متضافرة، ليصل إلى المستوى الذي تأمله الأمة، في تحوله إلى إعلام رسالي يتصل في وظيفته مباشرة بخدمة أهدافها والدفاع عن قضاياها، ويعكس ثقافتها وقيمها في برامجه ومحتوياته.

ووصف الدكتور التركي في كلمته العلاقات التي تربط بين المملكة واليمن بأنها متميزة في مختلف مجالاتها وأن التعاون بين االبلدين الشقيقين فيما يقدم من دعم وخدمات لأبنائه، يزيد هذه الصلة قوة وازدهاراً.

مؤكدا على أهمية الحرص في المستويات الشعبية في البلدين، على فتح آفاق للتعاون بين المؤسسات المتناظرة، وبخاصة الجامعات والهيئات العلمية. وأكد أن الرابطة التي تمثل الشعوب والأقليات المسلمة وتنطلق من مكة المكرمة قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم وتنطلق رسالتهم وتجد الدعم والرعاية من خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة لترحب بأي مشروع تعاوني، لا سيما في المجالات الثقافية والدينية والتعليمية، يخدم قضايا الأمة ويسهم في معالجة مشكلاتها، ويعزز الثقة والتواصل بين فئاتها المختلفة.

وقال معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن الحديث عن الإسلام والحياة الإسلامية، بشكل أو بآخر، أصبح من أبرز الاهتمامات الفكرية والإعلامية والسياسية المعاصرة، في العالم الغربي، وانعكس بتفاعلاته وأصدائه في العالم الإسلامي، في صورة من الجدلية والحوار الفكري غير المباشر وهذا الاهتمام المتزايد له أسباب عديدة، من أهمها افتراض الإسلام خصماً جديداً للغرب بعد سقوط المعسكر الشيوعي، وهو افتراض تتبناه أطروحات الصراع الحضاري. ومنها قضايا العنف والإرهاب التي طغت بعد أحداث 11 أيلول 2001م، وتكاثر الجاليات المسلمة في البلاد الغربية، وما تواجهه من مشكلات في التوفيق بين الاندماج والمحافظة على الهوية الإسلامية، ومنها تزايد الانفتاح الثقافي العالمي، بسبب تطور تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال والإعلام.

وألمح معاليه إن من الدقة في الحكم أن يُنظر إلى أن الاهتمام بالإسلام، لا ينطلق دائماً من روح عدائية له، بل هناك شرائح عديدة نشأ هذا الاهتمام لديها، بدافع من حب التعرف على حقيقة الإسلام وحضارته، وتأثيره في ثقافة الشعوب المسلمة، كما أن هناك نخباً فكرية وسياسية غربية تدافع عن خيار التعامل مع العالم الإسلامي، من منطلق الاعتراف بأنه يملك رصيداً حضارياً وثقافياً لا يستهان به يمكن أن يسهم في تقديم حلول للقضايا الإنسانية ومشكلاتها المعاصرة. وكانت أعمال المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام بدأت بتلاوة آيات من القران الكريم.

ثم ألقى معالي وزير الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية القاضي حمود عبد الحميد الهتار كلمة رحب فيها برابطة العالم الإسلامي وبالمشاركين في المؤتمر متمنيا أن يحقق الأهداف المرجوة منه. وأوضح أن المؤتمر يهدف إلى التأصيل العلمي لمفهوم الإعلام وأهدافه ومهامه وبرامجه ووسائله التي تدعم قيم الحق والعدل والسلام في هذا العصر وايجاد نظام إعلامي إسلامي قادر على الحفاظ على الهوية الثقافية الإسلامية وخدمة المصالح العقدية والاجتماعية والتربوية المشتركة للمسلمين وكذلك ايجاد صيغ عملية للتعاون بين مؤسسات الإعلام ومؤسسات الدعوة في الدفاع عن الإسلام وتعزيز مجالات الحوار بين الإعلاميين المسلمين ومؤسسات الإعلام الدولي عقب ذلك القيت كلمة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية ألقها نيابة عنه دولة رئيس مجلس الوزراء بالجمهورية اليمنية الدكتور علي بن محمد مجور كلمة نوه فيها بالدور الذي تضطلع به رابطة العالم الإسلامي عبر مؤسساتها وهيئاتها وفعالياتها المختلفة لخدمة القضايا الإسلامية والأقليات المسلمة في مختلف أنحاء العالم. وأوضح أن مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة إلى الدين هام في موضوعه وفي توقيته فهو من حيث الموضوع يحتفي بقضية كانت ومازالت إحدى اولويات امتنا الإسلامية في سياق تاكيد حضورها الفاعل والمؤثر في العالم باعتبارها حاملة رسالة دينية وحضارية وانسانية عظيمة. وأكد الدكتور المجور أن المسلمين معنيون بإبلاغ رسالة الإسلام والدفاع عنها والمحافظة على جوهرها نقية من الشوائب لانها رسالة عالمية لاحدود لها. ورأى أن أهمية هذا المؤتمر تأتي من تفاقم الهجمة الشرسة على الإسلام والتي وإن كانت قد بدأت منذ بزوغ فجر الإسلام واستمرت طيلة القرون الماضية إلا أنها تصل اليوم إلى مستويات بالغة الخطورة حيث أراد بعض متطرفي الفكر الغربي الزج بالإسلام في اتون مواجهة ظالمة من خلال التسويق لنظريات تفتقد أساسا من المنطق توظف آلة إعلامية هائلة وتقنيات اتصال بالغة التأثير في تشويه صورة الإسلام والنيل من قيمه العظيمة بل إنها وصلت حد توجيه الاساءة المباشرة لصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام.

بعد ذلك بدأت أولى جلسات المؤتمر وكانت بعنوان (دوافع الإساءة إلى الإسلام والمسلمين وأسبابها) حيث رأس الجلسة معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وتناولت ثلاثة مواضيع أولها الحروب الصليبية وأثرها التاريخي في تشويه صورة الإسلام تحدث فيها كل من الدكتور عبدالله سعيد الغامدي عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية بجامعة ام القرى والدكتور حسين بن عبدالله العمري عضو مجلس الشورى اليمني وأستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة صنعاء.

وتناولت ورقة العمل الثانية موضوع (الانحلال والإلحاد وعلاقتهما بنشوء حرية التعبير غير الملتزم) حيث أكد الدكتور سعيد اسماعيل الصيني إن الانحلال الخلقي والإلحاد في الدين ظاهرتان موجودتان منذ القدم، ولكن مع ظهور وسائل الإعلام، التي لا تعترف بالحواجز والحدود، انتشرتا بشكل ينذر بأننا قد اقتربنا من العصر الذي أنبأ عنه رسول رب العالمين منذ أربعة عشر قرنا يقول صلى الله عليه وسلم.

ويرى الباحث أن هناك حاجة قصوى لعمل دراسات يتم التعرف بها، على القوانين المتعلقة بحرية التعبير في كل بلد، لاسيما البلاد التي يكثر فيها استغلال (حرية التعبير) في الإساءة إلى الإسلام، لمحاولة ملاحقتهم بالقوانين المحلية. ثم تحدث الدكتور سعيد بن عبدالله حارب المهيري مستشار جامعة الإمارات العربية المتحدة لشؤون المجتمع عن وسائل الإعلام حيث إنها تعتبر من أكثر وسائل التأثير في الرأي العام وتحديد اتجاهاته، بل أصبحت هذه الوسائل مصدراً أساسياً للثقافة العامة لكافة فئات المجتمع، فقد امتد تأثيرها إلى معظم أفراد المجتمع من خلال ما تقدمه من محتوى يحمل مضامين متعددة تلقى قبولاً لدى هذه الفئات، فبين برامج موجهة للأطفال والأسرة إلى برامج تعنى بالشأن السياسي والاقتصادي والرياضي والفني، تتوزع المادة الإعلامية التي تبثها القنوات الفضائية بكل ما تحمله من مضامين، بل بدأت بعض وسائل الإعلام في التحول إلى إعلام متخصص في مجال محدد، فهناك قنوات فضائية مخصصة للأطفال وأخرى للأسرة وثالثة للصحة رابعة للبيئة، وخامسة للإستشارات، كما اتجهت قنوات أخرى للاهتمام بالثقافة سواء كان ذلك بتخصيص برامج ثقافية على خارطتها الإعلامية أو أن يكون محتوى القناة الفضائية ثقافياً بحتاً دون وجود أي برامج الأخرى، وما يقال في القنوات الفضائية يمكن أن يمتد إلى الإذاعة والصحافة، أما الإعلام التكنولوجي كشبكة الإنترنت والوسائط التكنولوجية فقد تجاوزت جميع الأدوار لتصبح إحدى المصادر الثقافية للإنسان بما تتميز به من تجاوز لكافة العوائق سواء كان ذلك في الوقت الذي تبث فيه المادة الإعلامية أو مجالها الجغرافي أو مجالات رقابتها ومنعها.

ثم ناقشت الجلسة موضوع (الأطماع السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي وأثرها في الإساءة) حيث أوضح الدكتور احمد محمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية أن الأطماع السياسية والاقتصادية هي واقع ترجمها السلوك الغربي تجاه العالم الإسلامي من خلال مداخل عدة تتوافق وطبيعة كل مرحلة واهتماماتها لتحقيق مصالحه المختلفة في معظم البلدان الإسلامية، وقد دفعه إلى هذا السلوك المنهج الواقعي في التعامل مع الدول والأشخاص، وحرصه على الاستفادة القصوى من المقدرات الاقتصادية التي يمتلكها العالم الإسلامي، وأهم هذه المقدرات الموارد الضخمة من الطاقة التي تتمتع بها بعض بلدان العالم الإسلامي، ناهيك عن الميزة الإستراتيجية للموقع الجغرافي الذي يتمتع به العالم الإسلامي وتحديدا الوطن العربي.

ثم تحدث الدكتور جعفر عبدالسلام على الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية عن هذا الموضوع مبينا انه منذ ان توسعت الفتوحات الإسلامية في العالم وبلغ المسلمون مشارق الأرض ومغاربها وأوطانهم مطمع لكل المستعمرين الشرقيين منهم والغربيين، كأنه أصبح سنة تاريخية أن يُحتل العالم الإسلامي لسلب مقدراته وثرواته ومن هذه الأطماع وغيرها تولدت كراهية الغرب للمسلمين، ومن ثم ترتب عليها شعور مماثل لدى المسلمين الذين رأوا في الغرب عدوا غازيا يسعى للاستيلاء على ما أنتجته أرضهم وان ظاهرة الإساءة إلى الإسلام ليست بالأمر الطارىء، ولكنها تتجدد بعنف ربما منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن، هذه الإساءة أدت إلى ظاهرة الإسلامفوبيا كما تسمى في الغرب الآن وفي الولايات المتحدة على الخصوص وقد وصلت تلك الإساءة قمتها في السنوات الأخيرة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر على وجه الخصوص، ومن ثم وجدنا مؤلفات ورسومات وصورا وأفلاما سينمائية تصور وتحتوى على معلومات مغلوطة عن الإسلام والمسلمين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد