مساء الخميس الماضي كان الجمهور المسرحي الذي ينتظر رفع الستار عن مسرحية الأكليل، التي قدمتها جمعية الثقافة والفنون بالرياض في مركز الملك فهد الثقافي، مع موقف كاد أن يشبه ذلك الموقف الذي حصل في كلية اليمامة عندما حدث حينها شغب أوقف عرضاً مسرحياً! فقبل بداية مسرحية الأكليل دخل إلى المسرح نحو عشرة أشخاص كانت ملامحهم تدل على أنهم من الهيئة (تبيّن فيما بعد أن لا علاقة للهيئة بهم) اتخذوا لهم مقاعد في الأمام والوسط وعندما بدأت موسيقى المسرحية الافتتاحية قام أحدهم محذراً من أن ما يفعله الجمهور هو ذنب عظيم محذراً إياهم من سماع (الموسيقى) وعلى الفور تدخل مدير المركز قائلاً له لو سمحت نحن المنظمون وليس لك الحق في إلقاء كلمة دون استئذان! لكن الرجل حاول الاستمرار وكرر عليه مدير المركز بأن عليه إما الجلوس أو الخروج! فقام ثان وثالث لكن المدير قال لهم لو سمحتم إذا كان لكم أي اعتراض فلكم مرجع ولنا مرجع! فخرجوا وسط دهشة الجميع! هذا التطور لا يمكن له أن يريح العاملين في الثقافة والمسرح خاصة أنهم يحصلون على الموافقة من جهات مسؤولة في الدولة! لأن الاعتراض بهذه الصورة (المنظمة) التي تستلزم التجمع والذهاب إلى مقر عرض مسرحي، يمكن اعتباره تطوراً في الاتجاه الخاطئ للتعبير عن الرأي، فماذا لو حدث بين الناصحين وبين الجمهور مشادات أو تطور الأمر لأبعد من ذلك، وإذا كنا نحترم وجهات نظرهم، فإننا نعرف ويعرفون أن هناك وسائل للتعبير غير أسلوب فرض أنفسهم على مناسبات أعد لها مسبقاً من قبل جهة رسمية، فمثل هذه الممارسات التي تتم باسم الدين قد تضر بصورة (طلبة العلم) خاصة عند الشباب في حين أننا نود أن تبنى العلاقة على الاحترام والتقدير لهم لا أن تكون علاقة بين (مذنب وناصح)!

ومع تكرار هذه المواقف فهل المطلوب من الآن وصاعداً أن يرافق كل منشط ثقافي حراسة أمنية لكي تمنع مثل هذه التصرفات! أعتقد أنه إذا حصل ذلك فتلك انتكاسة على مستوى الحريات التي يتمتع بها الناس وكفلتها حكومة خادم الحرمين للجميع! وأنا متأكد أن الإخوة الذين جاؤوا للنصح ولم يأتوا لغير ذلك، لكني أتساءل كيف فات عليهم أن يوصلوا رسالتهم بغير هذه الأساليب التي لم يعد المجتمع يتقبلها، ولا يفوتني أن أحيي مدير مركز الملك فهد الثقافي الأستاذ عبدالرحمن العليق على الموقف المسؤول الذي حال بحكمته وحزمه من أن يتطور الموقف إلى أبعد من الكلام والنصح! وإذا كان جمهور المسرحية والذي كان أغلبه من (الشباب) قد صفق كثيراً لمدير مركز الملك فهد الثقافي فإن تلك (رسالة) أتمنى من أولئك (الناصحين) الذين لهم الحق في التعبير عن وجهة نظرهم بالطرق السليمة والمقبولة أن يقرؤوها جيداً ويستوعبوا مضمونها!