لست ممن يؤيدون أو يمتهنون الكتابة عن الأشخاص بعد موتهم، ولكن الشيخ عمر البلطان - رحمه الله - سيخرجني عن بعض قناعاتي في هذا المقال، إن الكتابة عن رجل بحجم عمر البلطان الذي عرف بالعصامية والكفاح في مسيرة حياته الحافلة بالعطاء ليست شيئاً سهلاً، لقد عرفت أبا عبدالله قبل ما يزيد على ربع قرن، وذلك أثناء مزاملتي لابنه (البار) - صغيراً وكبيراً - رفيق الدرب وصديق العمر الأخ خالد بن عمر البلطان، حيث تكررت لقاءاتي معه وشهدت مواقف كثيرة تدل جميعها على ما كان يتمتع به من عصامية ونقاء وود وصفاء. لقد عرفته وقابلته فعرفت ذلك الأب الحريص على أبنائه الذي يسعى لتربيتهم التربية الصالحة المثالية، حيث كان ينشد أن يتربى أبناؤه على القيم والمبادئ والمثل الرائعة والاعتماد على النفس، وذلك انطلاقاً من أنه بنى نفسه بنفسه، لقد كنت في أثناء دراسة المرحلة المتوسطة وما بعدها خلال سنين عديدة أشاهد وأسمع عن كثير من سجاياه وخصاله من رفيق الدرب، وكنت حينها أتأمل وأرى كيف استطاع هذا الرجل تحقيق النجاحات المتعددة معتمداً على نفسه بعد توفيق الله. ولقد كنت أذهب إلى منزله وحينها كنت أشعر أنه حريص أشد الحرص على توجيه أبنائه بالالتزام بتعاليم الإسلام وأداء الفرائض، كما كان - خلال تلك الفترة - حريصاً على تعليم أبنائه جميعاً التعليم الجيد، وأذكر أنه في أثناء مذاكرتي مع الصديق (خالد) في بعض المقررات الدراسية كان - رحمه الله - رغم مشاغله وارتباطاته يأتي إلينا ويشجعنا جميعاً ويحثنا على المثابرة والتعلم، ويوجهنا إلى أهمية التحصيل العلمي الجيد والحرص على أداء الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة.
ونظراً للعلاقة المتينة والصداقة الحميمة مع ابنه خالد، فقد كنت أذهب أحياناً إلى مكتبه العقاري وألتقي به مرات ومرات، حيث كان أحد رجالات العقار الذين يشار إليهم بالبنان - في تلك الأيام وما بعدها - أمانة وصدقاً ونصحاً للآخرين، فكان نتيجة ذلك التوفيق حيث رزقه الله غنى في المال وصلاحاً في الذرية، إذ تتلمذ رفيق الدرب في مدرسة والده العقارية التي أساسها الأمانة والصدق ونصح الآخرين، وورث (خالد) عن والده العصامية والكفاح حتى وصل ما وصل إليه في عالم العقار فكان مثالا يحتذى به، بل كان الساعد الأيمن لوالده الذي حرص على تمكينه من دخول هذا المجال، وذلك لما لمسه فيه من نبوغ ورغبة شديدة.
لقد كان الشيخ عمر البلطان - رحمه الله - صاحب سجايا وخصال طيبة، حيث لم يزده الثراء إلا تواضعاً وورعاً شهدناه نحن الصغار قبل الكبار، حيث التعامل الطيب مع الآخرين والتلطف مع الصغار واحترام الكبار، وهذا ما ورثه عنه ابنه خالد في هذه الأيام حيث القرب من الناس وحسن التعامل معهم والوقوف مع المحتاجين ومحبة الآخرين.
وأخيراً رحم الله الشيخ عمر البلطان الذي شهد جنازته وشيعه المئات وعزى فيه الآلاف وأسكنه فسيح جناته، ووفق أخي خالدا وإخوانه للاستمرار في نهج والدهم.
alelayan@yahoo.com