لم تعد مواجهة الجريمة عملاً سهلاً؛ فبعد تعدد وتنوع الجرائم، وتطوير المجرمين لأدائهم ووسائلهم، زاد العبء على الأجهزة الأمنية ورجالاتهم الذين يفرض عليهم تطوير أدائهم وأن يكونوا دائماً متقدمين على المجرمين.. وإلا فقدوا حياتهم وفشلوا في أداء واجبهم؛ ولهذا فإنه يجب تنوّع الأساليب ورفع مستوى الأداء وكسب المعرفة بالاستفادة علمياً لتحقيق التفوق مهنياً وحرفياً حتى يستطيعوا مواجهة النزعة الإجرامية التي تظل كامنة حتى يأتي من يوجهها ويجعل الإنسان أسيراً لها. وقد أثبتت الدراسات العلمية وبحث الحالات العملية لمرتكبي الجرائم الجنائية والإرهابية وجود استعداد سلوكي وشخصي لدى هؤلاء الذين يستمرئون ارتكاب الجرائم وتحدي المجتمع وحماته من رجال الأمن.
والآن تتسع دائرة الإجرام بسبب سقوط الحواجز السلوكية وانفلات الضوابط الأخلاقية نتيجة تفشي الإعلام الفضائي غير المنضبط، وما تبثه شبكات الإنترنت وبعضه موجه أساساً إلى المنطقة العربية لنشر سلوكيات وممارسات غير سوية في أوساط الشباب العربي المسلم واختراقه لإضعاف الوازع الديني الذي يحميه من الانزلاق فيما يدفعه إليه أعداء الأمة، الذين سعوا إلى توظيف التفلّت الأخلاقي بنشر وتشجيع الرذيلة، وترويج المخدرات، وإشاعة ثقافة التمرد بهدف إحداث فوضى أمنية في الدول العربية حتى تكون تلك الدول (لقمة سائغة) للأعداء.
فدولة شبابها منغمس في ارتكاب الرذيلة، ومدمن مخدرات لا يتردد في ارتكاب الجرائم لتحقيق رغباته التي روج لها إعلام فضائي غير منضبط، وتدفق عبر إنترنت موجه للمنطقة (يدرب) و(يعلم) ويزرع السلوكيات الإجرامية والإرهابية في صفوف الشباب.. والهدف حرمان الدولة المستهدفة من شبابها ثروتها الحقيقية، وهذا ما يسعى إليه أعداء الأمة، والحمد لله نجحت المملكة العربية السعودية في التصدي وإجهاض هذا الاستهداف.
وهكذا يجب مواصلة إجهاض هذه الأهداف ومشاريعها الخبيثة الموجهة لدولنا العربية، ومنها المملكة العربية السعودية ودول الخليج المستهدفة بمحاولة إغراقها بالمخدرات ودفع شبابها لممارسة الإجرام من خلال نشر ثقافة العنف.. وقد لاحظنا كم هي الكميات والمحاولات التي أفشلتها يقظة الجهات الأمنية التي كانت موجهة للمملكة وحول الخليج.
والمواطن عندما يتابع نجاحات الأجهزة الأمنية في إفشال عمليات تهريب المخدرات.. وتفكيك عصابات الإجرام والقضاء على عمليات الابتزاز والسرقات باستعمال الأسلحة وقطع الطرق والسطو المسلح من أجل الحصول على أموال لتمويل شراء المتعة، سواء بشراء المخدرات أو ممارسة السلوكيات غير الأخلاقية.. يشعر هذا المواطن بفخر واعتزاز بما تنجزه الأجهزة الأمنية ورجالها الذين طوروا أداءهم ورفعوا من مستويات عملهم مما مكنهم من إجهاض عمليات الإجرام من شتى الأصناف وبالذات ترويج وتهريب المخدرات وعمليات السطو وقطع الطرق والسلب التي كان آخرها ما حققته شرطة الرياض التي نجحت في كشف غموض عصابة الثمانية وحسم أمرها باقتياد أعضائها إلى النهاية المتوقعة لكل من يمتهن الإجرام.
وتوافقاً مع نجاحات الأجهزة الأمنية وتفوق رجالاتها، فإن من واجب المواطنين وحتى المقيمين أن يُفعّلوا من تعاونهم من خلال الإبلاغ والتنبيه عن أي ممارسات مشبوهة وتصرفات تنبئ بأعمال غير سوية.
jaser@al-jazirah.com.sa