كل أسبوع تقريباً توجّه دعوة من سفارة أو ملحقية ثقافية أو اقتصادية، أو شركة أجنبية في حفل استقبالات لا تنتهي في دبي، وإن كانت كثافتها قد تراجعت، مع الأزمة الاقتصادية العالمية.
كما تعقد لقاءات ثقافية أو تعريفية محدودة لدى بعثات دبلوماسية، ونستقبلها بترحيب كبير، نتيجة الشح في النشاطات الثقافية المعتبرة في مدينة دبي الاقتصادية.
وحين أزور الرياض أو جدة، وتوجّه دعوة يكون توقيتها مناسباً لزيارة سفارة أجنبية، لمناسبة وطنية أو قومية تحتفل بها البعثه الدبلوماسية، أو منشط ثقافي وحضاري، فإنني سأحضر بلا تردد إن سمح الوقت بذلك .. فهل هذه عمالة؟
وحين يكون لديّ استفسار أو رغبة في تحصيل معلومة من أجل المزيد من المعرفة، فإنني حتماً سأزور السفارة المعنية .. فهل هذه خيانة وطنية؟
وحين أرغب في الحصول على تأشيرة، فإنني سأزور السفارة أو القنصلية .. فهل هذه خيانة أيضاً؟
وليست مشكلة في زيارات كل السفارات المعتمدة في بلادي والتعرّف إلى السفراء المعينين، وبعد أن استقبلهم خادم الحرمين أو من ينوب عنه، ورحب بهم في بلدهم الثاني. بل إنّ واجبي أن أقدم صورة إيجابية تزيل بعض الممارسات والتعديات غير المحسوبة والتي يتسبب فيها مجتهدون تابعون لجهاز حكومي وتعطي صورة سلبية عن بلدي.
لذا لن أتردد لحظة واحدة في قبول الدعوة الخاصة أو العامة، فهل تعتبر هذه عمالة وخيانة؟!.
أقول ذلك مع تتكرّر ممل للحديث عن ( زوار السفارات)، ويقصد بهم الكتّاب والصحفيون ممّن زار سفارة أمريكا أو جيبوتي أو هندراس وروسيا!، حيث يقدم ذلك وكأنه عيب أو دليل إهانة أو تبعية أو عمالة، وبأسلوب مبسط وساذج، يهدف إلى قذف التهم من أجل الترهيب.
وحين تقيم سفارات بلادي في العالم احتفالات الاستقبال بمناسبة اليوم الوطني، ويشاركنا صحفيون وكتّاب ومثقفون .. فهل هذا يعنى أنهم أصبحوا خونة لبلدهم؟
وحين يزور سفارات بلادي صحفيون للتزوّد بمعلومات، أو البحث في قضايا، وبرغبة الاستزادة .. فهل هذا يعني أنهم عملاء لنا...؟
والحقيقة أن زيارات السفارات ليست تهمة، ولكنها واجب مهني ووطني نقدمه لضيوف بلادنا، وللتواصل مع الآخر، وتصحيح الانطباعات الخاطئة عنا وعن وطننا.
وأختم هنا بما قاله زميلنا حماد السالمي إنّ (العقلية الطالبانية، هي التي أشاعت فرية زوار السفارات، وروّجت للخيانة الوطنية، بينما عمالة (بعضهم) لحركات وأحزاب وجماعات إرهابية، لا تعد خيانة وطنية، ولكنها في زعمهم، نصرة للمجاهدين الذين يحاربون حكوماتهم المتأمركة، بأموال ودعاء المخلصين، الذين لا يعترفون بشيء اسمه وطن، وإنما بالأممية والخلافة الموعودة).