قبل أيام وأنا أقبع في فروتي وفي ليلة شمالية باردة اتصل بي الأخ خالد بن سعد الجارد نائب رئيس مركز شعبة نصاب وسألني عن أخبار الفروة ملمحاً إلى مقالي وقصيدتي فيها فأخبرته بأني وضعت فوقها عباة ثقيلة كحال رعاة الأغنام في الشتاء وكانت وقد تكون لا زالت الفروة والعباة من ضمن مستحقات الراعي حيث يشتريها له المعزب إضافة إلى (حاشي) من الإبل سنوياً لمن يرعى الإبل أو عدداً لا يتجاوز العشرة من الخراف سنوياً لمن يرعى الغنم وقد كان والدي يرحمه الله موهوبا في الحساب بلا قراءة وكتابة مما جعله يقضي (عارفه) في بعض الأمور العشائرية ومنها المطالبات بين المعزب والراعي والتي يتكرر حدوثها دائماً. وفي إحدى المرات حسب مستحقات أحد الرعاة فقال: إنه يستحق ثلاثة خراف ونصف بموجب ما رعاه من شهور وأيام فاحتاروا كيف يدفعون نصف الخروف وأخيراً قدروا قيمته فدفع نصفه، وكان الراعي الذي لا يكمل العام ويترك رعيته وقت الشتاء يحرم من مستحقاته بل إنه يسلب الفروة والعباة ليتم تسليمها إلى الراعي الجديد إن وجد أو يلبسها المعزب ويرعى حلاله حتى يجد راعياً بسبب عدم وجودهم في الشتاء وفي الوقت الحرج والحمد لله أن فروتي وعباءتي ملكاً خاصاً لي لم تأت من أحد خصوصاً العباة التي بدأ معظم الشعراء يحصل عليها، بل يسلبها من فوق ظهور الناس بعد القاء قصيدته مباشرة وهذه ظاهرة بدأت تتكرر كثيراً في بعض المناسبات فبعد أن كان الشاعر يحصل على آلاف الدراهم والحلل والجوائز الثمينة وأحياناً على قطيع كامل من الإبل في مختلف العصور الماضية أصبح في هذا الزمن لا يحصل سوى على (جرد عباة) مهترئة أكل عليها الدهر وشرب تضع من قيمته وتضعه في خانة المتسولين وتلمع لمن أهداها له أمام الناس وتظهره وكأنه (أبو خوذة) الذي رمى فروته الثمينة في الشتاء على ظهر أحد الحناشل البائسين المرتعد من البرد.