Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/02/2009 G Issue 13279
الخميس 10 صفر 1430   العدد  13279
نحن العرب لسنا قساة جفاة (1-4)
مهندس منصور بن محمد أبوثنين

 

وقع تحت يدي ما كتبه د. عائض القرني منذ فترة تحت عنوان (نحن العرب قساة جفاة). وكان يحكي ما لقيه الشيخ في رحلته العلاجية لفرنسا من رقة حضارة وتهذيب طباع ولطف مشاعر في الباريسيين ومقارنة ذلك بما يلقاه من العرب في بلادنا، كما اطلعت على كتابات وتعليقات متباينة حول ما كتبه ولعل مقالة د. القرني الإلحاقية والتي كانت بعنوان (إنصاف الغرب لا يعني اتباعه) أكبر دليل على وجود الكثير من الملاحظات حول مقالته الأولى.

هذا الموضوع جعلني أفكر في هذا الأمر بشكل أعمق محاولة معرفة الأسباب وراء ذلك، فليس القرني هو أول من تطرق لهذا الموضوع ولعل القارئ الكريم قد سمع بالمقولة التي كثيراً ما تتردد على ألسنة من يذهبون لديار الغرب والتي تقول: (في الغرب وجدنا الإسلام ولم نجد المسلمين وفي بلاد المسلمين وجدنا المسلمين ولم نجد الإسلام) والمقصود هنا أنهم لم يجدوا في ديار المسلمين ما يأمر به الإسلام ويحث عليه من حسن الأخلاق والصدق في التعامل وغير ذلك من الخصال النبيلة.

فأين تكمن المشكلة إذاً؟ ألسنا نحن العرب أحفاد أولئك الذين كان يضرب بهم المثل في حسن الخلق وصدق التعامل والعدل إلى درجة أن شعوب الأمم الأخرى تتمنى وتفضل ولايتهم على بلادهم أكثر من بني جلدتهم؟

ورغم أنني ناقشت الموضوع من خلال الرد على ما كتبه الدكتور عائض إلا أن هذه الدراسة ليست رداً على تلك المقالة بقدر ما هي محاولة لتأصيل هذه المسألة التي كثر الكلام عليها في الآونة الأخيرة. ولعله يتسع صدر د. القرني لتعليقاتي المتواضعة على ما كتبه والتي ستكون من أربعة محاور.

المحور الأول: مقدمة، المحور الثاني: أسباب هذا الاختلاف بين مجتمعنا والمجتمع الغربي والعلاج الناجع، المحور الثالث: رأي د. عائض في الباريسيين، والمحور الرابع: التعليق على بعض العبارات. وسيتم عرض هذه المحاور في حلقات منفصلة.

المحور الأول: مقدمة

وصف د. القرني مجتمعنا بالغلظة والفظاظة إلا من رحم الله، وهذا أمر واضح ومشاهد من خلال التعاملات اليومية ولا يحتاج لصاحب فطنة ليكتشف وأظن أن الجميع يقر به ولا أحد ينكره، ودليلاً على أن هذه الغلظة موجودة ولا يستطيع الكثير منا التخلص منها لا في الأقوال ولا في الأفعال أورد مثالين بسيطين مما كتبه الشيخ نفسه في هذا المقال تؤكد ذلك، حيث ذكر ما نصه:

(المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة).

ففي الوقت الذي يثني فيه الشيخ على ما لقيه من الغرب من لطف المشاعر وتهذيب الطباع والتأدب ويمقت قساوة وجفاء العرب نجده من غير قصد لا يستطيع أن يتخلص من ما نشأ عليه هذا المجتمع ويستخدم كلمة فيها من الفظاظة والغلظة الشيء الكثير كلمة: (صارم)، فيا ليت الشيخ وهو يتكلم عن الرقة ولين الجانب في التعامل استبدل كلمة أكثر لطفاً مثل (صحيح) أو (مدروس) بكلمة (صارم).كما أن تطبيق الشريعة بشكل صارم يحتاج إلى نظر.

قال الله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}والحديث موجه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. فاللين والرحمة مطلوبة حتى في تطبيق الشريعة.

المثال الثاني: عند سؤال الرجل الفرنسي عن الطريق، يوقف ذلك الفرنسي سيارته ويخرج الخارطة وينزل من السيارة ويصف لك الطريق فليس أقل من أن تنزل أنت من سيارتك بدلاً من أن تأخذ منه الوصف وأنت جالس في سيارتك!

وللحديث بقية. والسلام..



mabuthnain@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد