لا يشك أحد في العالم كله بأنّ أحد أهداف الإسرائيليين في حروبهم مع العرب، وخصوصاً ما شهدناه من الحربين الأخيرتين في لبنان 2006م وغزة 2008م، هو استهداف السكان المدنيين، وهي عقيدة صهيونية منذ القدم إدراكاً من وزراء حرب العدو بأنّ قتل المدنيين يضمن لهم ورقة ضغط على من يقاتلونه.
أنا لا أريد أن أسرد لكم تاريخ الجرائم الإسرائيلية بحق العرب في جميع حروبها منذ احتلال فلسطين في عام 1967م، أو منذ صدور وعد بلفور في عام 1917م، ولكني سأضعكم أمام عدد من جرائم الصهاينة، فقد بدأت جرائمهم بإرسال العصابات لاستهداف المزارعين وسكان القرى والمدن ومن أشهرها عصابات الهاجانا وشتيرن والبالماخ وغيرها، ثم سجل لنا التاريخ مجازر أعقبت ذلك كانت كلها دموية في وصفها ومنها مذبحة دير ياسين وبحر البقر وخان يونس وكفر قاسم وصبرا شاتيلا ومذابح المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وجنين وقانا، وأخيراً وليس آخراً في قاموس جرائم الصهاينة مذبحة غزة التي وصل عدد الشهداء فيها من المدنيين إلى ما يزيد على 1000 أكثرهم من الأطفال والنساء وما يزيد على 5000 مصاب جراحهم خطيرة، ومن منكم تابع اللقاءات الصحفية مع متحدثي الجيش الإسرائيلي سيجد أنهم يتذرّعون بأنّ المقاومين يحاربون من خلف صفوف المدنيين، وكأنّ هؤلاء اليهود لا يعرفون بأنّ غزة لا تزيد على 360 كم2 ويسكنها مليون ونصف ووصفت بأنها من أكثر مناطق العالم ازدحاماً، ومع هذا فهم يفاخرون ومنهم اخروخاي الذي ذكر على إحدى القنوات الإخبارية العربية بأنهم لا يجدون حرجاً من استهداف أي مكان أتعلمون ماذا يعني كلامه، استهداف المساجد وقد وصل عدد المساجد التي دمرت على رؤوس المصلين وحرقت فيها المصاحف أكثر من 11 مسجاً واستهداف المدارس ومنها مدرسة الأنروا ومعروف عالمياً وفي زمن الحروب بأنّ المدارس والمساجد تصبح المكان الآمن للمدنيين وكذلك الكنائس في بلاد الغرب، ومع هذا فإسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تستهدف المسجد والمدرسة والمنازل وبدون خوف من عواقب ما تقوم به.
ولعلكم تذكرون قصة قتل الشيخ أحمد ياسين الرجل العجوز الجالس على كرسيه المتحرك والذي لم يبتعد كثيراً عن المسجد الذي صلى فيه الفجر، حتى انهالت فوقه الصواريخ لتقتله ومن هم في محيطه، وها هي تكرر السيناريو مع نزار ريان أحد قياديي حماس والذي استهدفت إسرائيل المبنى الذي يسكنه لتدمره مع نسائه الأربع وأطفاله التسعة .. هذه إسرائيل التي يترحم على بعض رؤساء حكوماتها بعض العرب ويسمونهم بالإخوان الإسرائيليين.
غطرسة العدو وبهذه البشاعة الفظيعة، لم تكن لتقوى لو لم تشعر بعدم قدرة العرب على ملاحقتهم قانونياً ولو فعل العرب ذلك بعد حربها على لبنان وقتلها لـ3000 مدني واستخدامها للأسلحة المحرمة دولياً، وتبجح بذلك رئيس إسرائيل الحالي شمعون بيريز وكلنا نعرفه بأنه صاحب فكرة عناقيد الغضب وبطلها لو حاكم العرب إسرائيل على جرائمهم، لما تجرأت في حربها وعدوانها على غزة والذي تسميه بعض الدبلوماسية العريبة (بالعمليات) الإسرائيلية في غزة، وعجبي لذلك ولما استمرت على ممارسة غطرستها في المنطقة.
إن إسرائيل ليس منها أمل في صنع السلام وهي تقترف أكبر الأخطاء بعدوانها البربري، لأنها وإن تمكنت كما تقول من ردع الإرهاب على حد زعمها وقتلت المقاومين، فهي تخلق أجيالاً أكثر تطرفاً وعنفاً وكراهية لإسرائيل ومقاتلتها، وذاكرة العرب ما زالت تحفظ أسماء رؤساء حكومات إسرائيل ووزراء حربها الذين أجرموا في حق العرب في كل حروبها من أمثال مناحم بيجن وقبله موشى ديان وشامير والراقد في غيبوبته شارون واسحق رابين وشمعون بيرز ونتن ياهو وباراك الشهير بملف الاغتيالات، وكل واحد منهم نال حصته من قتل أطفال ونساء وشيوخ وشباب العرب في فلسطين ولبنان، ومن قبل في الأردن وسوريا ومصر في كل الحروب .. جرائم إبادة ضد الإنسانية ويشعرون بالنشوة والنصر من جرائمهم ضد الإنسانية، ولأنّ محكمة لاهاي لمجرمي الحرب نجحت في مطاردة ومحاكمة مجرمي الحرب في العالم ومنهم على سبيل المثال رادوفان كاردجيتش وميلوسيفتش اللذين أجرما بحق المسلمين في البوسنة والهرسك .. فأنا أسأل: ألم يحن الوقت أمام العرب والقانونيين العرب أن يتقدموا للمحكمة الدولية بطلب محاكمة مجرمي الحرب في إسرائيل خصوصاً أنّ الصور والأدلة، والإثباتات متوفرة والشهود كثر حتى من غير العرب حتى لا يظن رؤساء وزراء الحرب والحكومات في إسرائيل، بأنّ الدم العربي رخيص وأن الدم الإسرائيلي عندما يسيل ليس بأغلى من دماء الأطفال .. لماذا هم حركوا آلة الحرب والدمار من أجل صواريخ هم كانوا يسمونها بصفائح التنك للانتقام من الفلسطينيين؟؟ فيجب أن ينهض القانونيون العرب لمحاكمة الصهاينة حتى لا تفرح السيدة تسيني ليفني بقدوم دورها لتنال حصتها من الفتك بآدمية الإنسان العربي صغيراً كان أم كبيراً، وحتى تراجع إسرائيل حساباتها ألف مرة قبل أن تقدم على حرق المدن العربية فوق رؤوس سكانها .. فهل نرى مجرمي الحرب الإسرائيليين قريباً في قفص الاتهام؟؟؟ أمل قريب ولعله قريبٌ جداً.
- خميس مشيط