ما تبرير من لا يحب الليل إذا ادلهم، والصحراء عندما توغل في الظلام, والبحر حن يختبئ لمعان مائه في الغسق..؟..أيكفي أن يكون تبريره: وحشة الظلام..؟

بينما السكون في الظلمة.., استدعاء لصفاء الإصغاء لكل ساكن نابض..,

حركة عصفور يتململ بين الغصون..,

قطرة ماء تنسرب نحو فضاء..,

دعسة قطة تتطوف بك وحيدا،

شهقة حزين يختبئ بجراحه..,

مناجاة عابد في جوف توحُّد،

آهة محزون يتأمل فقده..,

ابتهال تائب فرَّ بذنوبه..,

ومضة برق تسرُّ بقدوم سحابة..,

زيارة نسمة تمرق في حنو..,

حفيف ورقة تؤنس في صمت..,

فالليل إذا ادلهم قربى..,

وإذا أوغل اعتكاف..,

وإذا هجد استئناف،.

صحراء الليل امتداد لسرمدية تأمل تهمي بذرات اللغة..

إتاحة تكوين لأسفار النبض.., استدعاء لمخبوء الحس، رصد لأبجدية التعبير,

بحر الليل فضاء يفضي بمكنونه في هيبة امتداده، ورهبة جوفه، وجمال انسيابه ورقة مظهره..,

يأخذ الصامت بجواره، المتأمل في عالمه لمرافئ حلم، ومغسل جرح، ومبتدأ مركب, ومنتهى مرفأ..,

فالظلمة في الليل مسحة رحيمة على ضوضاء الشمس.., إسكات لعويل الأبواق، أبواب مشرعة لمضايق الازدحام، فرصة لسوانح المسرات.. تنبسط لها كفوف المدى فتبحر النفوس مغسولة من الوحشة بطمأنينة السكون..حيث يلتقي المرء نفسه.., ويرقى لمعارج السمو..