Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/02/2009 G Issue 13279
الخميس 10 صفر 1430   العدد  13279
ميشال أوباما تجسد الصورة العصرية للمرأة الأمريكية السوداء
من بين قضاياها: تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية

 

واشنطن - خاص بـ «الجزيرة»:

في كل مرة تظهر فيها ميشال أوباما كسيدة أولى يتأكد فيها خطأ الصورة النمطية السائدة في وسائل الإعلام الأمريكية عن النساء السوداوات أو ذوات الأصول الإفريقية، من خلال النجاح الذي حققته كامرأة عاملة وكزوجة وأم.

وباعتبارها أول سيدة أولى سوداء في الولايات المتحدة تمزق ميشال أوباما الصورة النمطية السلبية المستمرة منذ أجيال عديدة عن النساء السوداوات وعن الأمهات العاملات. وطبقاً لما قالته أندرا غيليسبي أستاذة العلوم السياسية في جامعة إيموري في مقابلتها مع موقع أمريكا دوت غوف فإن (وجود سيدة سوداء في هذه المكانة يدفع بالنساء السوداوات في أمريكا إلى مقدمة الصفوف كنساء أمريكيات مكتملات، والأهم من ذلك كسيدات ينتمين إلى الطبقات الراقية. وهذا يؤكد مكانة المرأة السوداء في أمريكا كامرأة، وعلى إنسانيتها وعلى أنوثتها).

فقرينة الرئيس الأمريكي الجديد ميشال خريجة جامعة برينستون وكلية الحقوق بجامعة هارفرد المرموقة، وكانت لها حياة عملية ناجحة كمحامية من محاميات الشركات، كما شغلت منصباً إدارياً تنفيذياً في المركز الطبي بجامعة ميشيغان قبل فوز زوجها باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية وبتحقيقها نجاحاً باهراً على المستوى الوظيفي، إضافة إلى حياتها الزوجية المستقرة وحسن تربيتها لابنتيها الدمثتين المعروفتين بحسن الخلق وحسن التصرف، فإنها قدمت صورة تتناقض تناقضاً حاداً مع الصورة التي ترسمها بعض وسائل الإعلام للمرأة السوداء البدينة، أو شخصية الأم المتسلطة الكوميدية التي تظهر في أفلام السينما أو فتاة الاستعراض التي تؤدي المشاهد المثيرة في تسجيلات الأغنيات المصورة.

وأضافت غيليسبي أن (الفكرة العامة عن النساء السوداوات كانت تصورهن إما كائنات ضعيفة مستكينة أو مخلوقات لا تصلح إلا للاستغلال الجنسي. وأصبح الآن بإمكان جيل كامل من الفتيات أن يرى الصورة الإيجابية للمرأة السوداء. إن ميشال أوباما في موقع جيد يمكنها من أن تصبح نموذجاً للصورة الإيجابية عن المجتمع الأمريكي بصفة عامة وعن الأمريكيين السوداوات بصفة خاصة).

أما بارت لاندري أستاذ علم الاجتماع بجامعة ميريلاند فقد ذكر في مقابلة مع موقع أمريكا دوت غوف أن الخزي الذي لطخ تاريخ المرأة السوداء في أمريكا نتج عن وجود الرق أو العبودية الذي مزق عائلات سوداء بأكملها وسمح لملاك العبيد من الرجال البيض بالتعدي على السيدات السوداوات.

وبعد أن قضت الحرب الأهلية على العبودية، أصبح ينظر إلى السيدات السوداوات على أنهن جزء من القوة العاملة التي ستعيد بناء اقتصاد الجنوب الأمريكي بينما ابتعدت السيدات البيض عن العمل في وظائف كان يمكن أن تدر عليهن دخولاً جيدة تحبيذا للفكرة التي شاعت بين الطبقتين الوسطى والعليا خلال القرن الـ19 في بريطانيا والولايات المتحدة عن ضرورة أن يقتصر دور المرأة في المجتمع على دور الأم والزوجة الوفية التقية. بينما استبعدت تماما فكرة قيام السيدة السوداء بدور السيدة التي تنتمي إلى الطبقة الراقية أو (الهانم).

وأضاف لاندري، وهو مؤلف كتاب بعنوان زوجات عاملات سوداوات، إنه على الرغم من أن هذه الصورة تعد سلبية في مجملها، إلا أن تلك الرسالة كان لها جانب إيجابي، فقد أطلقت عنان المرأة السوداء وحررتها لكي تنطلق سعيا وراء تحقيق النجاح في الحياة العملية بدون التأرجح عن المشاعر المتناقضة التي قد تكون المرأة البيضاء عانت منها حينما بدأت الخروج من المنزل إلى الحياة العملية.

وفي الواقع فإن من الواضح أن المرأة الأمريكية السوداء تحقق اليوم نجاحا في الحصول على مؤهلات علمية عليا بدرجة تفوق ما يحصل عليه الرجل الأسود. وبالأرقام حسبما تقول بيانات مكتب الإحصاء العام فإن المرأة السوداء تحصل على 57% من مجموع المؤهلات العليا التي يحصل عليها الأمريكيون السود. وبالطبع فإن الحصول على المؤهلات العليا غالباً ما يترجم إلى حصول أصحابه أو صاحباته على وظائف بمرتبات أعلى.

وهكذا فإن ميشال أوباما تمثل صورة مهمة أخرى وهي أنها سيدة ناجحة في مجال العمل وأنها أيضاً أم وزوجة مخلصة. وخلال الحملة الانتخابية لزوجها في التنافس على منصب الرئاسة، أصرت ميشال على البقاء في المنزل والتفرغ لرعاية ابنتيها واصطحابهما لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية، لم تكن تبتعد عنهما ليلة واحدة إلا في مرات محدودة، حسبما يقول ديفيد كولبورت مؤلف كتاب عنها بعنوان: ميشال أوباما، حكاية أمريكية.

وفي مقابلة أخرى لموقع أمريكا دوت غوف مع تارشيا ستانلي الأستاذة المشاركة في كلية سبيلمان بمدينة أتلانتا، قالت: (إن النساء السوداوات يشعرن بالفخر وبالتشجيع بدرجة كبيرة حينما يجدن سيدة مثل ميشال أوباما في البيت الأبيض. إنها تمثل مجموعة كبيرة من السيدات اللاتي يمارسن دور الأمومة بشكل جاد ويؤدين هذا الدور أداء جيدا جدا لكن الإعلام أو الصحافة لا يغطي أخبارهن).

وفي الليلة التي فاز فيها باراك أوباما بمنصب الرئاسة، وجه الشكر إلى زوجته قائلاً: (إنها أعز أصدقائي منذ 16 عاماً، وهي الصخرة التي تستند اليها أسرتنا، وهي حب عمري، إنها السيدة الأولى القادمة في الولايات المتحدة الأمريكية).

وفي لقاء آخر لموقع أمريكا دوت غوف مع ليزا موندي الكاتبة والمحررة في صحيفة واشنطن بوست، ومؤلفة كتاب عن ميشال أوباما بعنوان: (ميشال قصة حياة)، قالت إن كل النساء أعجبن بالأسلوب التي تحدث به باراك أوباما عنها، وأعرب به عن تقديره لها. وهو يتيح للأمريكيات من أصل إفريقي أن يقلن لأبنائهن: إن هذا نموذج لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الرجل وزوجته. وهذا في حد ذاته شيء له قيمة كبرى).

وكان باراك أوباما وزوجته ميشال قد تحدثا بصراحة عن الصعوبات التي واجهتهما في تحقيق التوازن بين الحياة الأسرية وكونها امرأة عاملة وعمله هو في الحياة السياسية.

وطبقاً لما قاله ديفيد كولبارت فإن ذلك (كان بلا شك مسألة شاقة ومعقدة. فقد كانت تتولى تلك الوظيفة المرهقة بالجامعة. وهو كان بعيداً دائماً بحكم عمله السياسي. وحينما لا يكون مضطراً للابتعاد عن المنزل فإن تفكيره يكون مشغولاً بالعمل السياسي أيضاً. كان يؤلف الكتب على الدوام).

وفي الفترة الأخيرة كانت ميشال أوباما تستيقظ في الرابعة والنصف صباحاً لتمارس الرياضة في الأيام التي يكون زوجها موجوداً في البلدة التي تقيم فيها الأسرة. وحينما تستيقظ الفتاتان كان باراك أوباما يحضر لهما الطعام ويشرف على ارتداء ملابسهما حينما لا تكون هي - أي ميشال - موجودة بالمنزل.

وهي كسيدة أولى تعتزم أن تكون من أبرز القضايا التي ستسهم بها الدعوة إلى تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية. ولكنها كانت تأمل - حتى في حالة عدم فوز باراك أوباما بمنصب الرئاسة في الانتخابات - في أن يكون مجرد ترشحه للمنصب سبباً في تصحيح المفاهيم الخاطئة عن أسر الأمريكيين السوداوات.

وذكر موندي أن ميشال أوباما قالت منذ بداية حملة انتخابات الرئاسة (إذا كان كل ما سأحققه هو أن أبين أننا - أي الأمريكيين السوداوات - لسنا جميعا من أسر تعيش على الإعانات الاجتماعية، أو يظهر من بينها نجم رياضي متفوق، وإنما نحن من أسر عادية تعمل وتؤدي واجبها في المجتمع، فإن ذلك وحده يكفي).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد