دمشق - (ا ف ب)
يشكل التراث مادة أساسية لدى غالبية فرق الموسيقى العربية في سوريا، لكن عملها عليه يراوح بين (تقديسه) واعتبار المساس به (خطاً أحمرا)، واعتباره إرثاً ثقافياً غنياً يمكن إعادة صوغه بما يقربه لأذن المستمع.
وشهدت الساحة الموسيقية السورية في الأعوام الأخيرة (انتعاشة) لفرق الموسيقى العربية، وبرز عدد منها بينها (اوركسترا طرب) التي تعمل منذ 2006م على مشروع تقديم أعمال الملحنين العرب الكبار، و(الفرقة الوطنية للموسيقى العربية) التي تتبع المعهد العالي للموسيقى وتقدم الألحان الكلاسيكية العربية بعد إعادة توزيعها، إضافة إلى تقديم أعمال جديدة لمؤلفين معاصرين.
ويقول قائد (اوركسترا طرب) ماجد سراي الدين لوكالة فرانس برس (نحاول أن نكون حراساً أمناء للتراث، ونقدمه في شخصيته الصافية والخالصة كي لا تمحى)، مضيفاً أن (أي إضافة أو إعادة توزيع لقطعة موسيقية ملحنة سابقاً تقلل من شأنها).
ومعظم عازفي (أوركسترا طرب) من خارج المعهد العالي للموسيقى، وممن درسوا الموسيقى العربية باجتهاد شخصي وكانوا يشتغلون في هذا النمط الموسيقي. ويعتبر سراي الدين أن هؤلاء العازفين (أقدر على تنفيذ الأعمال العربية من خريجي معهد الموسيقى) الذين درسوا الموسيقى الكلاسيكية الغربية.
ويتابع (لست مع تطوير التراث أو الإضافة إليه، لأن ذلك يعني أن الموسيقى التي قدمها عمالقة ومبدعون ناقصة أو متخلفة). ويتوجه إلى متبني فكرة (تطوير التراث) بالقول (لماذا لا يقومون بتأليف ألحان جديدة في قوالب الموسيقى العربية، وليقدموها كما يحلو لهم).
وعلى الجبهة الأخرى، يتجنب قائد (الفرقة الوطنية للموسيقى العربية)، عازف العود عصام رافع، استخدام أي من مرادفات (التطوير) أو (الإضافة) عندما يتحدث عن استعادة التراث الموسيقي. ويقول لفرانس برس أن هاجسه هو تقديم الموسيقى العربية وألحانها الكلاسيكية عبر اوركسترا كبيرة، مضيفاً أنه يستثمر بذلك طاقات العازفين (سبعون عازف ومغني)، وهم من خريجي المعهد العالي للموسيقى بدمشق.
وانطلاقا من هذين الشرطين يحاول رافع أن (تؤدي إعادة التوزيع الموسيقي دوراً بارزاً في إضفاء بعد جديد على المقطوعات المقدمة بدون المساس بهويتها الأساسية)، مؤكداً أن الهدف من إعادة التوزيع الموسيقي (ليس عرض عضلاتنا التوزيعية).
ويقول الناقد والمؤرخ الموسيقي السوري أحمد بوبس (مهما كان الموسيقي جيداً، لا أعتقد أنه سيكون أكثر عبقرية من أبو خليل القباني أو سيد درويش ليأتِ ويطور عملهما)، ويضيف (هؤلاء عباقرة يجب ألا نمس أعمالهم).
وتقيم (اوركسترا طرب) حفلات موسيقية كل شهر أو اثنين بالتعاون مع دار الأوبرا السورية، كان آخرها مساء الخميس في الذكرى الثانية لرحيل الملحن السوري محمد محسن. لكن التحاقها بدار الأوبرا، كفرقة تابعة لها، لا يزال مشروعاً على ورق.
والأمر نفسه ينطبق على الفرقة الوطنية للموسيقى العربية التي تتبع نظرياً للمعهد العالي للموسيقى، من دون أن يكون هناك اعتماد مالي أو قرار واضح ينظم عملها ويدعمه.
وفي هذا السياق، يتساءل بوبس (هل يعقل أن يكون هناك في سوريا فرقة سيمفونية في غياب فرقة وطنية للموسيقى العربية؟).