كتب صديقنا الدكتور عثمان المنيع لأستاذنا عبد الله بن محمس مقدمة الطبعة الثانية من كتابه قبائل قحطان المذحجية قبل أن يتقابلا أو أن يرى أحدهما الآخر، حيث سبق هذا التقديم اتصالات ومكاتبات، وبعد أن صدر الكتاب في فترة سابقة التقيا للمرة الأولى الخميس الماضي في لقاء مختصر شكر فيه ابن محمس المنيع على تقديم الكتاب، وطمأن المنيع على صحة المحمس وتحدثا في موضوعات مهمة وكان الطرح فيها ثريا، مثل تحديد مصطلح ابن البادية وابن القرية أين يلتقيان وأين يفترقان وسمات كل منهما، ثم تحدثا عن الشيخ حمد الجاسر جغرافيا ونسابة، ثم تحدثا عن التأليف والكتابة وقال الدكتور المنيع أن طبيعة عمل المؤلف أن يورد في كتابه الأقوال المعتبرة، ويناقشها ولو كان لا يؤمن ببعضها، وهذا من معاني كلمة تأليف أو مؤلف كما قال المنيع، وتحدث ابن محمس في ظروف تأليف كتابه بطبعتيه الأولى والثانية لضيفه المنيع، وكان حديث ابن محمس محل ثناء المنيع وتقديريه كان طرحهما محل اتفاقا في خطوطه العريضة، ولم يعارض منهما الآخر في كل ما قاله (أو لم يرغب في المعارضة!)
هنا تحدثت ممازحا الضيف والمستضيف أن حديثهما لم يعجبني (!!) لأن كل ما ذكراه محل اتفاق، وليس هناك أي خلاف أو اختلاف، وهذا ما لا يعجبني، بل يزعجني، فحينما يكون هناك اختلاف في وجهات النظر أو نقاش ساخن فمعنى هذا أن هناك أفكارا جديدة وقضايا ساخنة من الممكن أن أنقلها للقارئ والقارئ يتفاعل معها، والصحفي أو العامل في مجال الإعلام وبالأخص الصحف يكون سعيدا حين ينقل للقارئ موضوعا ثريا مثل الموضوعات ذات تعدد وجهات النظر في كل ميادين الصحافة.
مع الأسف مداخلتي لم تحرك ساكنا لديهما، ومازحنني الدكتور المنيع بأن هذا أول لقاء لن يكون فيها ما تريد لكن اللقاء القادم سيكون هناك اختلاف.
وأنا الآن أنتظر المجلس القادم الذي يجمعهما لاستمتع بحوار ساخن أو مناقشة حادة على قاعدة يحق للصحفي ما لا يحق لغيره من الاستمتاع بالاختلاف، مع أن هذا محظور على غير الصحفي (!).
هذا جزء مما تم في هذا المجلي العلمي، وأتذكر أن أحد المؤلفين ألف كتابا مخصصا كله للنقد، وقال في مقدمته كلاما معناه إني لم أذكر إيجابيات من انتقده لأنها محل اتفاق فليس هناك داع لذكرها.
وبغض النظر عن رأيي الشخصي في هذا المجال أدعو كل قارئ لحديثي هذا أن يتأمل في الكثير من المجالس الثقافية التي نحضرها أو نقرأ عنها عبر الصحف أو شبكة النت تجد أن أكثر ما ينقل في هذه المجالس هو اختلاف وجهات النظر إذا حدث، وأما إذا كان الحديث وديا أو علميا مركزا كما تم في مجلس أستاذنا المحمس فسيكون التفاعل مع ما طرح في هذا المجلس أقل.
إذن فلنختلف في كل مجلس نحضره حتى يتكرم الحضور ويوصلوا الفائدة الثقافية لأكبر شريحة من شرائح المجتمع!!
فاكس - 2092858
Tyty88@gawab.com