جدة - راشد الزهراني
شهدت أسعار الحديد في السوق المحلية ارتفاعاً مفاجئاً في الأسعار بلغ 200 ريال للطن ولجميع المقاسات، حيث ارتفع بنسبة 150 ريالاً ثم تعدل إلى 200 ريال للطن الواحد، في حين أعلنت شركة سابك الشهر الماضي تثبيتها للأسعار حتى نهاية الشهر الجاري وهو ما أوقع الجميع في حيرة من الارتفاع المفاجئ, خصوصا أن غالبية المستهلكين كانوا يتوقعون انخفاضاً في الأسعار إلا أنهم صدموا بالعكس. وأبدى متعاملون في السوق تخوفهم من عودة الأزمة التي مر بها السوق خلال العام الماضي، والتي أدت إلى تكبد القطاعين الخاص والعام لخسائر مالية كبيرة.
وعلل رجل الأعمال يحيى عسيري مدير مؤسسة الصفقة الأولى للتطوير العقاري بالمملكة العربية السعودية الارتفاع بأنه قد يكون بسبب عزوف بعض المقاولين عن الشراء انتظاراً لتخفيضات أقل حسب ما أشير مؤخراً مما جعل هذا الارتفاع يزيد من قلق المقاولين والتقاعس أكثر وكذلك ما يجلبه من مخاطر جسيمة في عمليات البنية التحتية والبناء العشوائي التي تجعل أصحاب المشاريع الإنشائية يطالبون المقاولين بالتقليل في كميات التسليح نظراً للظروف المادية، وهذا يعكس سلبياً من حيث البنية الأساسية للتطوير العمراني. وأضاف العسيري قائلاً إن هناك عوامل محلية أسهمت في تخفيض أسعار حديد البناء من أهمها منع تصدير الخردة خارجياً والتفتيش ومراقبة سوق الحديد في المملكة. وكانت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) قد خفضت أسعار حديد التسليح بمقدار 800 ريال للطن ليكون السعر 1925 ريالاً في الدمام، و1956 ريالاً في الرياض، و1995 ريالاً في جدة، وبذلك يكون إجمالي التخفيضات التي أجرتها (سابك) 60% مقارنة بأعلى سعر وصل إليه حديد (سابك) خلال العام الماضي.
وقال العسيري إن الارتفاع قد يعود لأسباب عالمية مما يؤثر بشكل كبير على تذبذب الأسعار في السعودية. وقد طالب المقاولون وزارة التجارة وكذلك الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل في القضاء على هذا التلاعب وخاصة سوق التسليح من قبل الموزعين وأن تكون هناك آلية مبسطة لضمان الحقوق وتسهيل البناء وما نلاحظه من الأطنان المستوردة من الخارج التي قذفت على أرصفة الموانئ البحرية دون النظر إليها؛ حيث أصبحت تألفه من الصدأ. وبين العسيري أن السوق السعودي يعتمد في وارداته من خام الحديد على السوق البرازيلي في مجال كريات الحديد، التي تعتبر المدخل الرئيسي في منتجات شركة (حديد)، وعلى كتل الحديد الجاهزة التي يتم استيرادها من السوق التركي.
من جانبه أوضح أحد الموزعين للحديد أحمد البسام أنهم تبلغوا بالأسعار الجديدة من قبل المصانع المحلية وجرى تطبيقها فوراً. وقال البسام إن من المعلوم أن شركة (سابك) تزود السوق المحلي بما نسبته 70% من احتياجاته من حديد التسليح وإن الصين اتجهت في الخمس سنوات الأخيرة للتصنيع بشكل كبير وتضاعفت مشترياتها من الحديد مما خلق أزمة حقيقية في أسواق الحديد العالمية وأفرز شُحّاً في المعروض العالمي. وقال إنهم باشروا البيع بالتسعيرة الجديدة التي وردت من المصانع، مشيرا إلى أن السوق شهد طلبات كثيرة كما وردتنا اتصالات عديدة لحجز كميات كبيرة آجلة من قبل عملاء لنا.
كما أن التسعيرة الجديدة تأتي عقب إعلان عدد من مصانع الحديد أرباحها السنوية التي شهدت انخفاضا كبيرا، وكذلك لجوء عدد من الشركات إلى تسريح نسبة من موظفيها وأن الارتفاع في أسعار الحديد من قبل المصانع هو من أجل تعويض ارتفاع التكاليف وانخفاض الأرباح.
وقد أكدت (سابك) في حينها أن تلك التخفيضات تأتي من خلال متابعة أوضاع الأسواق المحلية والعالمية، والعمل الحثيث من أجل إرضاء زبائنها والمحافظة على استقرار السوق المحلية وتوازنها بما يخدم المصلحة العامة، وتكبح هذه التخفيضات المتتالية من المصنع الرئيس للحديد في السوق المحلية الأسعار التي سجلت خلال العام الماضي مستويات قياسية اقتربت معها من مستوى 6 آلاف ريال للطن الواحد.
وأضاف البسام أنه في الوقت الذي أعلنت فيه المصانع عن رفع التسعيرة الجديدة لحديد التسليح ما زالت وزارة التجارة والصناعة عبر موقعها الإلكتروني تحتفظ بأرقام قديمة لسعر طن الحديد من منتصف الشهر الماضي، وهو الأمر الذي أوقع المستهلك النهائي في حيرة من أمره للزيادة الجديدة في الأسعار. وكانت السوق السعودية قد شهدت الأشهر الماضية تراجع أسعار الحديد التي قدرها مراقبون بنحو 60%، ويعود الانخفاض المتوقع نتيجة للضغوط التي تقودها وزارة التجارة والصناعة والمتمثلة في مراقبة الأسعار وطرق التخزين لمنع تصدير حديد السكراب للخارج.