* بعد قتل ودمار لا يوصف، أوقف العدو الصهيوني عملياته الحربية في (غزوة غزة) الإسرائيلية.
* ندعو الله أن تضع الحرب أوزارها إلى الأبد، وأن يتنفس الأحياء من سكان غزة البسطاء، نسيم الحرية في أرضهم، وأن يستأنفوا حياتهم من جديد، دون جوع أو خوف أو مرض.
* ندعو الله كذلك، أن يرحم قتلى هذه العملية الإجرامية من عرب فلسطين كافة، وأن يشفي كافة المصابين منهم، وأن يجبر مصاب المكلومين في قتلاهم، من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال.
* وندعو الله العلي القدير، أن يلهم حركة حماس العقل والحكمة، فتتوقف عن مثل هذه المراهقات السياسية، وتدرك أنها حركة خارجة على الشرعية الفلسطينية، وأن لا مكان لإمارة طالبانية في غزة، فلا تكرر لعبتها الخطرة ب(طراطيع جراد) مرة أخرى، إلا إذا أثبتت لنا وبالأرقام، أن عدد قتلى جراد من الصهاينة، يفوق عدد قتلى صواريخ وقذائف جيش العدوان من فلسطينيي غزة، وأن المصابين في مشافي إسرائيل، يفوق عدد المصابين في مشافي غزة..!
* سوف أخرج فوراً حاملاً علم حركة حماس الطالبانية، محتفلاً مع قادتها وحوارييها في منطقتنا العربية، الذين هللوا وكبروا، واعتبروا أن وقف إطلاق النار من جانب العدو الصهيوني، يشكل نصراً مؤزراً لغزة..! ولكن بشرط واحد: أن أفهم من هؤلاء تحديداً، من انتصر ومن انهزم في غزوة غزة..؟!
* أظن -وبعض الظن ليس بإثم- أن غزوة غزة، قد أفرزت منتصرين اثنين، لا منتصراً واحداً، ومهزوماً واحداً لا ثاني له. الطرف الأول المنتصر في غزوة غزة، هو العدو الصهيوني، بدليل عدد القتلى والجرحى من جانب سكان غزة، الذي وصل إلى قرابة السبعة آلاف، وبدليل دخول جيش العدوان إلى شوارع وأحياء غزة، وتدمير بناها التحتية. أما الطرف الثاني المنتصر، فهو صف قيادات حركة حماس، التي لم تخسر من طواقمها الحركية سوى شخص واحد، لأن زعماءها - الضرورة- يعرفون أين يقيمون وقت الشدة، ويعرفون كيف ومتى يقتربون أو يبتعدون عن أرض المعركة..!
* الطرف الوحيد المهزوم في هذه المواجهة غير المتكافئة، هو شعب غزة الفلسطيني، الذي تحول فجأة، إلى (وجبة لذئاب الحرب)، من مريدي الحرب، ومن مستفزي الحرب، فهو الطرف الوحيد الذي حُوصر وجُوِّع وعُطِّش وأُرهب، ثم قُتل وأُصيب منه الآلاف، ودُمرت مساكنه وأسواقه ومؤسساته، وحُرثت مزارعه، وأُحرقت حقوله وبياراته، فبدا صبيحة وقف إطلاق النار، وهو يبحث بين الأنقاض، عن جثث مدفونة، أو بقايا أشياء كانت لطفل أو امرأة في دور وبيوت تحولت إلى تراب لا أكثر..!
* بعد غبار المعركة، ومحاولة تتبع نتائجها الموجعة، تعالوا ساعة نتأمل في عواطفنا الدينية غير المنضبطة، إلى أين أخذتنا..؟ ماذا فعلت بنا..؟ كيف تدفعنا إلى المهالك، وكيف ترهن مواقفنا، فتجعلها في أيدي من يتربص بنا الدوائر، فيتقوى بها على المتاجرة بقضايانا المصيرية، ثم لا نملك بعدها، إلا الانسحاب من المشهد الانهزامي بخفي منتظر.
* بعد غبار المعركة كذلك.. أترك المساحة التالية، لقلم الأخ القارئ (هادي بن حسن الخالدي)، من مدينة الرياض، الذي كتب إلي يقول:
* قرأت لكم في عدد الجزيرة رقم (13254)، الموافق ليوم (الأحد 14-1-1430هـ)، مقالة بعنوان: (وقف الحماس.. على حماس)، وقد أثرت هنا أستاذي الكريم، قضية مهمة، فوضعت فيها النقاط على الحروف، دون مواربة أو تزييف.
* إنه لمن الصعوبة بمكان، في ظل هذا اللغط العاطفي، والزحام الشديد في الأقنعة السياسية، وفورة التيارات المتصيدة في الماء العكر، أن تصدع بكلمة الحق، وسط هذا الموج الهادر من المصلحجية السياسية والتعلق بأحلام بالية، ولكنها الكلمة التي تجعل من الحكمة نبراسا، ومن التجارب خبرات، ومن الواقع دليلا، ومن المستقبل ميدان عمل، كأنما هو واقع معاش كالشمس الناصعة في السماء الفسيحة.
* لقد بينتم ووضحتم ما في نفوسنا، وما يجب أن نظهره ونعريه من مغالطات وتعميات على الشارع العربي والإسلامي، سببها مصالح شخصية لفئة حماس، ومن يسير في فلكها من حزب الله، ومن الخونجيين والصحويين.
* فئة حماس -أو كما يقولون عن أنفسهم (حمساوي ما يهاب الموت)- عندما فازت بالانتخابات، وقد وضع قادتها نصب أعينهم المجد المؤثل، وهم يديرون غزة من خارج غزة، وإسرائيل ترقب ذلك وتباركه، لأنها هي من دعم حركة حماس في نهاية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، نكاية في فتح العلمانية، وإضعافاً لها، ولأنها تعلم بما عرفته من مؤشرات عن قطاع غزة، إنها بهذه الانتخابات، تسير إلى المذبح الذي تريده إسرائيل، فتركتها لإرادتها.. وهذه هي النتيجة!!! فقد وصلت حماس بشعب فلسطين، إلى لا شيء قبل الحرب وقبل الحصار، ولم يكن من طريق أمامها سوى التحرش بإسرائيل، جاعلة الشعب الضحية، مقابل الحفاظ على شرعيتها المسلوبة.
* وكان الدعم لها من إيران، التي لا تريد الخير لفلسطين أو لشعوب المنطقة، فجعلت من حماس فلسطين، نسخة من حزب الله لبنان، وحاولت جر المنطقة لحرب في لبنان، فلم تفلح، وحاولت مع حماس بذات الطريقة، ولو بإطلاق صواريخ من لبنان على إسرائيل.
* والملاحظ أن عدداً من التيارات المتشددة في المنطقة، يحاول أن يستفيد من الدماء النازفة للشعب الفلسطيني، ليس من أجل فلسطين، بل لأغراض وأهداف سياسية أخرى، ولعل الخونجية في رأس القائمة، عندما يسيّرون هذه القضية للنيل من النظام والحكم في مصر، والمضحك جداً في سلوك الإخوان ومن خاونهم، والصحويين ومن صاوحهم، هو اجتماع الأربعين عالماً، ليقولوا لنا بعد جهد جهيد: إن فلسطين دولة إسلامية..! ويا له من اختراع..! كأنهم لم يلتقوا مع المعارضة المصرية الانتهازية، ليجعلوا من غزة طريقهم نحو إسقاط الحكم..؟!
* والتفاتة إلى الفئة الصحوية التي تنادي بالجهاد، وهي قد تعلم أو لا تعلم، نتيجة التعلق بحلم الخلافة، الذي ألغى تفكيرها الواقعي، أن لكل دولة سيادتها، وأنه لا يمكن لدولة أن تتحكم في أخرى، ولو في شبر واحد خارج حدودها، فراحت تترنم بالرئيس القذافي، وتتمثل بالشعب الفلاني، الذي أعلن الجهاد المزعوم، وهو يعلم تماماً أنه ينطق بما لا يفقه، ويصدر ما هو ليس في يده من قرارات.
* وقد كان قرار المملكة العربية السعودية، حكيماً صريحاً، عندما أعلنتها مدوية وواضحة وضوح الشمس، إننا في مقدمة الدول العربية عندما تتفق على رأي موحد، وهذا هو الصحيح، فلا يمكن أن أتخذ قراراً قد يحاربني فيه غيري عندما أدخل أرضه، ولو كيلاً واحداً، ولو فعل فهو يدافع، لأن في هذا انتهاك لسيادة دولته، وتصرف مني فيما لا أملك، وقد يقول صحوي فصيح: فليتفق جميع العرب، ونقول له سمعاً وطاعة كما تريد يكون..!
* أتفق معك يا أستاذي الكريم، أن الحي أبقى من الميت وأصلح منه، وما ينتهجه قادة حماس، هو صناعة للموت، وليس صناعة للحياة، وقد غاب عنها أو غُيب عنها فقه العجز، وما يجب أن تخدم فيه شعبها، لا أن تجعلهم ضحية سهلة لقوة إسرائيل وغطرستها.
* إن الحكمة تقول: إن على الشعب الفلسطيني أن يعرف قدراته، ويتعامل على ضوئها، فتقديم الأنفس من أطفال ونساء وعجزة وشباب، لن يغير عاطفة إسرائيل ومن وراء إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، وخدمة الشعب الفلسطيني تقتضي من الشعب نفسه، ألا ينجرف خلف الأصوات الناعقة من فنادق دمشق وأوروبا، وأن تهتم ببناء نفسها باقتناص الفرص المتاحة للسلام، وإذا ما قويت شوكتها قوة حقيقية، أكبر بكثير من (ورش مواسير جراد)، عندها تدخل المعركة، دون أن تظلم أبناءها بالزج بهم في معركة غير متكافئة إطلاقاً.
* يا لها من مرارة. ولكن: لا حول ولا قوة إلا بالله.
assahm@maktoob.com