الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم الأنبياء..
أحمد الله وأشكره أن نصر الحق على الباطل، وأترحم على شهداء الشعب الفلسطيني، وأسأل الله أن يتقبلهم وأن يجعل أطفالهم الذين واجهوا ربهم في هذا العدوان الغاشم يشفعون لآبائهم وأمهاتهم.. وبعد..
أتقدم لمقام سيدي خادم الحرمين وملك الإنسانية الوالد الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالشكر والتقدير لموقفه الشجاع وكلمته.....
.....التي كانت فارقا بين الحق والباطل، ومنصفة في حق الشعب الفلسطيني والشعب العربي والإسلامي وأبناء هذا الوطن، وهذا ليس بكثير من ملك الإنسانية في موقفه هذا؛ لأن هذا الشبل من ذاك الأسد، أسد الليالي السود.
وأحب أن أفسر كلمتي هذه وسبب تسمية الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- بأسد الليالي السود؛ لأنني سمعت من الوالد العم الملك فيصل بن عبدالعزيز؛ حيث إني صادفت في أحد الأيام وكعادتي في زيارة الوالد الملك سعود وكان متوجهاً من قصر خزام بجدة لقصور عائلته، وكان معه الملك فيصل وكنا راكبين في السيارة، وأنا ثالثهم ورابعنا الكاتب محمد بن دغيثر، وسمعت الملك سعود يقول للملك فيصل: (شفت البرقية اللي جاءت من الحكومة البريطانية)؟ فردّ الملك فيصل وقال: نعم، أنا جيت أبي منك موافقة على جوابها، فقال له الملك سعود: هذا ابن دغيثر إملي عليه الجواب. فقال الملك فيصل لابن دغيثر: اكتب (من الحكومة السعودية إلى الحكومة البريطانية: نسيتوا الاتفاقية التي بين الملك عبدالعزيز ورئيسكم تشرشل وعندما توفي الملك عبد العزيز غيرتم رأيكم، ونسيتم اللقب الذي لقب به رئيسكم الملك عبدالعزيز بأنه (أسد الليالي السود). هذا ما سمعته وأحببت أبينه للتاريخ في هذه المناسبة والتي رأيت أنها فرصة مواتية، كما أحب أذكر أن أول تبرع لشعب فلسطين كان إبان حكم الملك عبدالعزيز لمساعدة الشعب الفلسطيني من الملك وأفراد العائلة والمواطنين، وكان أول من رأس اللجنة سيدي الوالد الأمير محمد بن عبدالعزيز، وبعد ذلك أناب عنه برئاسة اللجنة سيدي العم ولي العهد الأمير سلطان، وقد طلب الوالد الأمير محمد من الملك عبدالعزيز إن كانت لديه نية لأي حملة توجه إلى الحرب على إسرائيل أن أكون قائدها، فرد عليه الملك عبدالعزيز (إن شاء الله إن الأمور في خير وأنت أهل لذلك).
وصادفت أن حضرت جلسة للملك عبدالعزيز بعد حرب فلسطين الأولى ولم يكن لديه سوى مستشاريه وكانوا يتباحثون ويتناقشون عن قضية فلسطين، وقال لهم الملك عبدالعزيز: (أنا حاولت مع الحكومات العربية أن لا ندخل مع إسرائيل في حرب كاشفة؛ لأن ذلك ليس في مصلحة فلسطين وأهلها لأن الدول الكبرى سوف تتدخل مع إسرائيل، ولكن أنا أرى أن نترك أهل فلسطين هم من يحرر بلدهم ونمدهم بالمادة والسلاح والذخيرة وبعض رجال البادية لأنهم يعرفون بلدهم، ونقول لهم: ما كسبتم فلكم، وهذا رأيي؛ لأن اليهود ما زالوا ضعفاء ولم يتقووا بعد، وأنتم مختلفون، وبعضكم لم يتحرر من الاستعمار)، فقال أحد مستشاريه: أطال الله عمرك، لو ترسل جيشاً من أهل نجد!! فردّ عليه الملك: (كيف أروح أجنحتي وأقعد بعدها، وهذا ليس من مصلحتي)، ثم قال لهم الملك عبدالعزيز: (أنا مستعد بإذن الله وقوته أن أرجع فلسطين لأهلها بشرط أن تتعهد الدول الكبرى بعدم التدخل لمساعدة إسرائيل ولا أريد مساعدة من أحد إلا من ربي).
كما، وأذكر أني حضرت جلسة للملك عبدالعزيز مع مستشاريه وبحضور عمي عبدالله بن عبدالرحمن وعمي مساعد بن عبدالرحمن في قصر الديرة بالرياض وهم يتناقشون في السياسة، وسمعت الملك عبدالعزيز يقول: أنا ما شبّهت سياسة الإنجليز إلا على شيئين: مثل الجربوع يجعل له أكثر من منطق، ومثل لعب الورق، فاستنكر الحاضرون، ولاحظ ذلك الملك عبدالعزيز، فقال لهم: كأنكم (مستغربين) يوم ذكرت لعبة الورق، والحقيقة أني كنت ألعبها في شبابي في الكويت، كما أذكر زيارة الوالد الملك فهد لسيدي الوالد الأمير محمد - رحمهم الله جميعاً - في البر، وسأله الوالد عن اجتماع اللبنانيين في الطائف فقال له الملك فهد: لو التزموا بالاتفاقية فذلك من صالحهم. فقال له سيدي الوالد: ما تذكر كلام أبيك لرئيس لبنان كميل شمعون عند زيارته للملك عبدالعزيز وقال له: (أنتم -اللبنانيين- في بيت واحد وهو لبنان، وليس بينكم فرق لأن بلدكم بلد مصيف وسياحة ويقصده الناس من كل أرجاء العالم، وإن وفقكم الله واتفقتم فهو من صالحكم، وإن اختلفتم وقع البيت عليكم، وهذه نصيحتي لكم).
وفي الختام.. هذا ما أحببت أن أبينه للتاريخ والمجتمع، وأحمد الله وأشكره أنه كرَّم هذه العائلة من أولها إلى ملك الإنسانية بخدمة الحرمين، وهذا الوطن الطاهر وأهله المخلصين، ونرجو من الله أن يوفق خادم الحرمين في جميع أعماله والذي نفتخر به ونسأل الله أن يبقيه ذخراً للجميع، وأن يديمه ما دامت الحياة ويحفظه ويرعاه، وأرجو -إن شاء الله- أن يسدد خطاه فيما ينوي من الخير للجميع، وأن ينصر الإسلام والمسلمين على أعدائهم.