عنيزة - رصد ولقاءات - عطاالله الجروان:
منذ طفرة سوق الأسهم قبل ستة أعوام تقريباً والمعلمين يتلقون سيلاً من الاتهامات المجتمع جراء تعاملهم في سوق الأسهم وأن نتائج السوق تتحكم في عطائهم التربوي والتعليمي وتشتت أذهان الكثير منهم بسبب ما تعرضوا له من خسائر مالية، وخرجت تعليقات طريفة ضد المعلمين المتعاملين في سوق الأسهم ومنها على سبيل المثال أن الطلاب يتعرفون على مزاج معلمهم من خلال مؤشر السوق، فمتى كان المؤشر أخضر فروح المعلم المعنوية مرتفعة والحذر إذا كان المؤشر أحمر فتوقع من معلمك الشدة وسوء المعاملة، كما انتشرت كلمة (بع بع) ضد أحد المعلمين الذي دخل الفصل متحدثاً بجواله لأحد الأشخاص يطالبه سرعة البيع عندما ارتفع سعر السهم ناسياً أنه دخل الفصل.
(الجزيرة) التقت عدداً من التربويين ونقلت لهم ما يوجه لهم من اتهامات وكانت أولى اللقاءات مع الأستاذ إبراهيم الدويش مدير مدرسة الفاروق في عنيزة الذي أكد أن التعامل مع السوق أثر في عطاء المعلمين التربوي والتعليمي خلال فترات متفاوتة خاصة الانهيار الكبير الذي حدث في العام الماضي، وأضاف حتى ابتسامات المعلمين فقدناها في الميدان التربوي وينقل لي زملائي المديرون أن المعاناة قد تكون متشابهة إلى حد كبير بل نقل لي آخرون بأن المعاناة شاملة أغلب الميدان التربوي في المملكة وليس في مدرستنا فقط، ولضمان كفاءة العملية التربوية فقد عقدنا عدة اجتماعات مع الزملاء المعلمين وتمت مناقشة ما يمر به الميدان التربوي من تأثر واضح بسبب سوق الأسهم وقدمنا التوجيهات اللازمة وأعدنا تلاوة التعاميم الصادرة من وزارة التربية والتعليم والتي تؤكد منع التداول داخل المدرسة أو استخدام وسائل الاتصال الخاصة بالمدرسة للتعامل مع سوق الأسهم وضرورة تفرغ المعلم تماماً لأداء مهامه التربوية والتعليمية على أكمل وجه، وأثنى الدويش في ختام حديثه إلى ما يبذله نخبة من المعلمين الأكفاء من جهود تربوية مثمرة وبكفاءة عالية رغم تعرض العديد منهم لخسائر كبيرة في سوق الأسهم ولكن ذلك لم يؤثر على مسيرتهم وعطائهم.
من جانبه أكد المعلم منصور الخليفي بأن هناك معلمين تضرروا من سوق الأسهم وتعرضوا لخسائر فادحة وبلا شك فالمعلم يظل إنساناً له مشاعر وأحاسيس وقد أثرت تلك الخسائر على الكثير منهم وفقدوا التركيز أثناء أدائهم واجبهم التربوي ولكن في حدود ضيقة لأن ما يملكه المعلم من مخزون ثقافي جعله يعود إلى محاسبة نفسه وعاد مهتماً بواجبه الوظيفي لأن الميدان التربوي حساس جداً ويحتاج إلى مجهودات كبيرة واستعداد ذهني وبدني ونفسي، ومع السيطرة النفسية التي التزمها المعلمون تحسنت الأوضاع كثيراً، وظلت الظروف النفسية السيئة لا تتجاوز محيط المنزل وبقيت المدرسة في أمان تام من المؤشرات الحمراء.
المعلم عبدالله المذن أكد تأثر الميدان التربوي بسبب سوق الأسهم وتغير الأداء للأسوأ وسمعنا عن تقصير من بعض المعلمين الذين تعرضوا لخسائر في أموالهم سببت لهم مشاكل نفسية وخلقت لهم ظروف سيئة لم تمنحهم فرصاً لصفاء الذهن بل كثير منهم يبدو شارد الذهن فقد التركيز داخل الفصل، ولكن تختلف حدة التأثر حسب ظروف المعلم نفسه فهناك من يتابع السوق في كل لحظة ومع كل خسارة يتأثر نفسياً وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون أدائه داخل الفصل جيداً، بل قد يسيء التعامل مع الطلاب نظراً للحالة النفسية السيئة التي يمر بها، ورغم ذلك فهناك معلمين يتعاملون مع السوق خارج أوقات الدوام الرسمي ولم تؤثر النتائج السلبية للسوق على أدائهم التربوي بالعكس فترى من خسر مئات الألوف يشرح درسه على أكمل وجه لأنه يدرك حجم الأمانة الملقاة على عاتقه.
المرشد الطلابي حمد السلمان قال كل إنسان لابد أن يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه والمعلم مثل بقية الناس له طموحات وآمال يسعى لتحقيقها من خلال تحسن ظروفه المادية وبلا أدنى شك أنه متى ما تعرض للخسارة المالية ليس فقط في سوق الأسهم بل في أي نوع من أنواع التجارة فسوف يعود ذلك بالأثر السلبي على نفسيته، وداخل أسوار المدرسة هناك معلمون يتعاملون في سوق الأسهم وتأثروا كثيراً بسبب خسائرهم المادية وبدا ذلك واضحاً على عطائهم التربوي وضعف مشاركتهم في الأنشطة الطلابية لأنهم يعيشون فترات عصيبة، ولكن يظل المعلم يمتلك حساً تربوياً راقياً وتقديراً للوظيفة التعليمية وقد استطاع الكثير منهم تجاوز تلك الفترة بنجاح وعاد إلى ممارسة عمله بكل إتقان.المشرف التربوي الأستاذ عبدالرحمن الجاسر قال الميدان التربوي مليء بالأكفاء من المعلمين المميزين والذين يمتلكون مهارات عالية في تجاوز الأزمات النفسية خلال فترة قصيرة، والتعامل في سوق الأسهم أثر على المجتمع السعودي بالكامل والمعلم جزء من نسيج هذا المجتمع ولكن يمتلك المعلم الناجح القدرة والكفاءة التي تساعده في إبعاد ما يتعرض له من ظروف نفسية صعبة إلى خارج الفصل لأن المعلم يدرك أنه مؤتمن على بناء جيل ولكن مازال الميدان التربوي بخير.