يعتبر الشاعر الكبير سرور بن عودة بن مانع الأطرش أحد أهم الشعراء الشعبيين البارزين ليس في محيطه مدينة الرس وما جاورها وإنما تعدى ذلك إلى نطاق أوسع بما فرض اسمه كشاعر شعبي معروف برز سرور من خلال مقدرة شعرية هائلة تجلت في متون قصائده المتعددة التي تناولت كافة أغراض الشعر وخاصة الغزل الأمر الذي جعله من رواد (المراقيب) وهي ما ارتفع عن الأرض سواء قمم الجبال أو الهضاب والآكام والقور وحتى الكثبان الرملية المرتفعة عندما قال:
|
عديت في حدباء من المشرقات |
رمل وهي لمولع القلب مرقاب |
|
ولا غرابة في ذلك وهو المولود قرابة العام 1200هـ في قصر والده المعروف بقصر (مشرف) الواقع في مزارع الجريدة على الضفة الشمالية لوادي الرمة العظيم بما لا يتجاوز الخمسة كيلو مترات شمال مدينة الرس. تتكحل عينا هذا الشاعر الكبير كل صباح وهو المعروف عنه حدة البصر أقول تتكحل عيناه وهو في مزرعة والده بما يحيط به من شواهد طبيعية من جبال وضلعان عالية وكثبان رملية وآكام وقور وغيرها من المظاهر التي أوجدتها قدرة الخالق فهو يشاهد بوضوح جبال أبانات وقنانها المعروفة وجبل كير والقشيعين وخزاز والشاهد وأم سنون والدوسري وأمرّه والحضر وساق والجواء وصاره والأصبعة والرحى وسواج وربما شاهد أبعد من ذلك خاصة وأنه وكما أسلفت يتميز بحدة البصر هذا الشواهد والإعلام كان لها حضور في أشعار سرور وكثيراً ما عدى رووس المراقيب العالية ليبث شجونه وهمومه ولواعج الغرام تعالوا لنقرأ قوله:
|
عديت مرقاب طويل وعالي |
مرقاب طلاب الهوى يوم عداه |
قعدت به يوم الزواهر قبالي |
ولا إنحدرت الا العشي مالت أفياه |
حالة العشق بين هذه القامة الشعري وبين هذه المعالم تمتد أحيانا من ساعات الفجر الأولى حتى قرب مغيب الشمس يؤكد ذلك البيت الثاني عندما رأى النجوم (الزواهر) ولم يغادر هذا المرقاب حتى مالت الشمس للغروب.. وكثيرة هي حكايات سرور مع المراقيب وسوف أورد عدد من الأبيات (الشواهد) التي تؤكد هذه المقولة كما في قوله:
|
المرقب اللي في جنابه تعليت |
طوحت به صوت بعيد مناله |
|
عديت مرقاب كثير الحجارة |
شاقن كمن ركون واديه خالي |
طالعت فيه الحضر وادنى سماره |
وخشم الرحى وهاك النواز الطوالي |
وما طر ساق وما أقبلت فيه صاره |
منازل لمحددين الجمالي |
وقد أورد في هذه الأبيات العديد من الشواهد مثل الحضر - الرحى - ساق صاره وهي كما نعلم شواهد جبلية معروفة لأهل المنطقة.. وكثيراً ما أزاح الصقور والنسور والطيور الجارحة من قمم الجبال والمراقيب ليختلي بنفسه باثاً شجونه وشكواه من خلال أبيات عذبه لا تزال شواهد على حضوره وتألقه ومقدرته الشعرية تعالوا لنقرأ له:
|
يا طول ما عديت في رأس مرقاب |
وهو كان قبلي بالخلي يهاب |
لأبان نور الصبح نطيت رأسة |
وطيرت من عالي حجاه عقاب |
ولا ننسى قوله في مقطوعة رائعة:
|
أمس الضحى عديت في رأس الأسمر |
وقعدت به لين اغتشان الظلامي |
الحقيقة التي لا تقبل الجدل أن السفر مع معطيات هذه القامة الشعرية هي رحلة ماتعة كيف لا وهو القائل:
|
المرقب اللي في جنابة تعليت |
طوحت به صوت رفيع مناله |
وأتبعت صوتي عبرتي ثم ونيت |
بكيت لين الرأس هضم زلاله |
طقيت بالطايل وبالقاصر أوميت |
والجفن رف وخرب الدمع جاله |
وأنهل دمع العين منهن وأسقيت |
وادٍ غدت مثل الجزاير سهاله |
على الذين ما عقب هجرانه أوحيت |
حسه وعيني ما تحلت خياله |
لأهبت أنسام الذواري تحريت |
عن صاحبي هي ما ترد الرسالة |
قمت أتبعه لين باتباعه تزريت |
يقودني قود السبايا حباله |
ياليتني من قبل عرفة توفيت |
والموت ينسيني عجايب دلاله |
يذكر بوادي شعر شيدله البيت |
من دونه القطار زمت جباله |
يا الله عسى القطار يا والي البيت |
يحمل ثمان سنين ما أخضر جاله |
لولا الزرايا كان يمه تعنيت |
أمشي على الرجلين ابي زماله |
يالقلب لا تنسى حسانيه ياشيت |
أصبر ولو تأطا الحفا من جلاله |
|