جلس على أريكة الهاجس.. تلهو به أفكار متضاربة ينفث همومه مع دخان السيجار المتصاعد يعتدل في جلسته.. يتأوه.. يتناول جريدة أمامه ينادي بعصبية شديدة..
أين الشاي..؟
ألا تحضرين الشاي إلا بعد احتراق صبري وتطاير هدوئي!
أنت غير مبالية.. وضعت إبريق الشاي بغير اكتراث وقد ارتسمت ابتسامة صفراء على وجهها العابس الملامح.
وببردة قاتل طار منها سؤال بليد: منذ متى أتيت؟
إنني لم أشعر بك عندما حضرت.. لقد كنت في المطبخ!
تنهد بحسرة.. منذ متى شعرت بحضوري أو غيابي، إن الملل يسرح ويمرح في ساحة حياتي، أزهار أحلامي ذبلت، حتتها ريح جمودك.
أوراق أمانية تطايرت منذ أن تنفست في وجهها!
لم تبال بما قاله.
أخذ يرشف الشاي، تذمر من برودته.
أوف.. إنه بارد كبرود هذه المرأة.. إنها لا تبالي لا أجد منها اهتماماً، لا بذاتي ولا في المنزل ولا بالأطفال والبيت كما تركته صباح اليوم.
الغبار يتربع في كل ركن والعناكب معششة في كل زاوية وكل شيء في غير موضعه.
الأريكة.. الوسائد.. كأس هنا.. وطبق هناك!
نهض من مقعده.. اتجه إلى غرفة النوم.
أوه.. حتى هذه على ما تركتها عليه، ماذا تفعل هذه المرأة طوال اليوم؟
وبعصبية أخذ يبحث عن ثوب نظيف يستبدل به ثوبه الذي عليه فلم يجد!
رمى كل ما كان بداخل (خزانة الملابس) إلى الخارج، وصرخ بأعلى صوته:
يا منال أين الملابس!
أوه.. بالغسالة..
منذ أسبوع وأنا أسمع أن الملابس بالغسالة ألا يوجد شيء نظيف أرتديه؟!
إذا أنت مستعجل اذهب إلى أقرب مغسلة وهناك تجد ثوبك مغسولاً ومكوياً.
حسبي الله ونعم الوكيل.
ارتمى على أقرب مقعد.. وقال بصوت واهن:
إنني أشعر بالجوع، خرجت ولم أفطر كالعادة بسرعة أحضري الغذاء.
لم أطبخ اليوم، لقد كانت أمي هنا وأخذني الحديث، وقلت أنتظر إذا أتيت تأتي لنا بغذاء من أقرب مطعم.
احتد غاضباً:
ماذا أفعل بك.. لا منزل نظيف، ولا ملابس مغسولة، ولا طعام مطبوخ!!
أي حياة هذه التي أعيشها وأي راحة أنشدها؟
وقابلت غضبه ببرود وهي تمضغ اللبانة: لماذا أنت زعلان؟
نهض.. إني خارج وتارك البيت لك. دعي الفئران والعناكب تشاركك فيه.