إن الحديث عن الإبداع الوظيفي يتجدد كلما كانت النفس ذات طموح، والرغبة في جموح للحصول على درجات التميز العليا، وقد تناولنا بعض البواعث العامة للإبداع الوظيفي في المقال السابق، ونواصل ذكر المهم منها مع اعتقادنا أن الكتابة في مثل تلك المجالات لا تغني عن إثراء الموضوع بكافة الوسائل الممكنة علمياً وعملياً، وهو ما يقودنا إلى التأكيد بأن من بواعث الإبداع الوظيفي المهمة عناية الجهة الوظيفية بتفعيل هذا المعنى بين منسوبيها وتشجيعهم على ذلك، سواء كان ذلك بالدورات التدريبية، أو حلقات النقاش العلمية وورش العمل التطبيقية، أو المطبوعات الإعلامية أو الجوائز التشجيعية، أو غيرها من وسائل تفعيل هذا الإبداع في البيئة الوظيفية وهي المحضن الذي يجب أن يكون الإبداع فيه حاضراً على الدوام.
ومن بواعث الإبداع في حياة الموظف تنظيمه لوقت العمل وترتيب الأوليات العملية، وهذا من أهم أسباب النجاح سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الوظيفية، إلا أن الحياة الوظيفية حافلة بكثير من الواجبات والمهام المطلوب إنجازها في مدة محدودة، مما يستدعي تنظيم الوقت من خلال تحديد الأهداف وتقديم الأهم فالمهم، والحرص على تحديد زمن لكل عمل، ثم السعي للإنجاز في الزمن المحدد، ويجتمع ذلك بجودة التخطيط وواقعيته، وقد قيل إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل، ويمكن الموظف الإفادة في هذا الجانب بتقييم أدائه وإنجازه وتقويم الخلل فيهما، ويتمثل هذا التقييم بعدة وسائل منها مؤشرات القياس التي تحدد مستوى الأداء، أو الاستبانات الدورية سواء كانت من الموظف أو مديره.
وأخيراً من بواعث الإبداع الوظيفية المهمة القيادة الوظيفية، وقد ذكره مؤلف كتاب (خمسة مفاتيح للإبداع الوظيفي) واعتبره سيد المفاتيح لأن غيره من المفاتيح والأسباب يراد منها تمكين الموظف من القيادة الوظيفية، وقد بين فيه المؤلف الفرق بين القائد والمدير وركز على القيادة كعنصر هام وفاعل للشخصية الريادية والإبداعية.
وهو يرى أن القائد بالمفهوم الوظيفي هو من يستطيع أن يبث الفكرة المثالية التي يؤمن بها في مرؤوسيه ليحملهم على معاونته في تنفيذ الفكرة برغم كل العقبات، وهو أيضاً من يثير رغبة العمل في نفوس الآخرين ويوزع عليهم الجهود والمسؤوليات لتحقيق الأهداف، وهو الذي يرى ويفكر ويعمل ويدفع إلى العمل في سبيل المصلحة العامة.
ولا بد للقائد أن يمتاز بعدة سمات منها:
1- السمات المعرفية (الذكاء الثقافة واستشراف المستقبل).
2- السمات الاجتماعية (فن التعامل وكسب الآخرين وحسن الاتصال).
3- السمات الانفعالية (كالنضج الانفعالي وضبط النفس).
4- السمات الشكلية (جمال المظهر والذوق العام).
ويفرق بين المدير الجيد والقائد المبدع فالقائد له صفات إبداعية، فهو يجذب الناس ويتواصل ويفعل الأشياء الصحيحة وينتصر على الظروف ويطور الأمور وغير ذلك، أما المدير فيسمع الناس ويأمر ويفعل الأشياء بشكل صحيح ويستسلم للظروف ويطبق ويحافظ على الأمور كما هي.
ومما تقدم يتبين جملة من بواعث الإبداع الوظيفي والنجاح العملي ذات الأثر الإيجابي الكبير على الموظف والمجتمع الوظيفي متى تم تفعيلها وتطبيقها بما يتلاءم مع الموظف وجهة عمله.