القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج
ما حدث من ترقب عالمي للحظة تنصيب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة، يؤكد أنّ هناك آمالاً كبيرة يعلقها العالم من أقصاه إلى أدناه على ذلك الرئيس الذي يحمل الرقم 44 في تاريخ أمريكا والأول من لونه على عرش البيت الأبيض، لكن هذه الآمال تصير أكبر وأكبر لدى العرب والمسلمين، فهم قد عانوا من سلفه الراحل جورج دبليو بوش لمدة ثماني سنوات جلبت العديد من الأزمات لهم، وخلفت وراءها احتلال بلدين مسلمتين أفغانستان والعراق فضلاً عن ضغوطه على سوريا والسودان، وبالرغم من الفرحة العارمة لدى العرب والمسلمين برئاسة أوباما، إلا أن السؤال الملح الآن هل ينصف الرئيس الجديد العرب وهل سيكون وسيطاً نزيها في الصراع العربي الإسرائيلي، ومتى ينسحب من العراق ويتركه لشعبه كما وعد عشية توليه المنصب، وهل سيفتح صفحة بيضاء مع الشرق الأوسط والعالم الإسلامي؟ التفاؤل وحده ليس كافياً في مثل هذه الظروف، حتى أن إجابات الخبراء والمحللين السياسين على الأسئلة السابقة جاءت قلقة وتضمر مخاوف أكثر من إعلانها الارتياح .. مشيرين إلى أن أوباما قد يبدل معطيات المواجهة مع الشرق الأوسط عما كانت عليه مع بوش، رغم عدم توقع حصول تغيير جذري في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
- البداية من السفير عبد الرؤوف الريدي رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، حيث أعرب عن أمله بأن يقود أوباما العالم إلى العدالة والديمقراطية الحقيقة، وأن يكون حكمه عهداً جديداً لتعزيز إمكانيات السلام والحوار والتعاون من أجل حل القضايا الخطيرة والمعقدة التي خلّفها سلفه خاصة في الشرق الأوسط. وأكد الريدي أن تولية أوباما حكم أمريكا يُعد تحولاً تاريخياً لأمريكا والعالم، ويقدم أملاً نرجوه أن يتحقق وتنتهي فيه سياسة الاعتماد على القوة والاحتكام إلى لغة الحوار واتباع سياسات مالية مسؤولة بدلاًَ من سياسات لا تخدم سوى الرأسمالية المتوحشة .. مشيراً إلى أنه كان قد وعد بالتشاور مع الآخرين من أجل الإصلاح المالي العالمي والمؤسسات الدولية والعمل على تخليص العالم من أخطار التسلح النووي وجعله عالماً خالياً من التهديد النووي. واعتبر أن التوصل للأهداف التي دعا اليها اوباما بشأن الشرق الأوسط والعالم الإسلامي لا تتوقف على الرئيس الأمريكي وحده او حتى بلاده وحدها، لكنه يتطلب منا عملاً دؤوباً لأن نكون جزءاً فاعلاً في منظومة القيم العالمية المبنية على الحرية والديمقراطية.
- الدكتور عاطف الغمري الخبير في العلاقات الدولية طرحاً سؤالاً مغايراً: ماذا لو لم يتحقق أمل المتفائلين، بحل عادل وعاجل للقضية الفلسطينية، على يد أوباما؟ موضحاً أن الرئيس الجديد تعهد بأنه سيتصدى للمشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية منذ لحظة توليه الرئاسة لكن - ليس هكذا تصنع السياسة الخارجية الأمريكية، ولنا أن نلاحظ أن بعض وعوده الانتخابية قد جرى نقضها، بعد انتهاء هوجة الانتخابات، وأنه سوف يجد نفسه، عندما يتناقش مع فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي جالساً وسط مساعدين يتنافسون لجذب انتباهه، كل إلى ما هو مقتنع به، كما أن السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، هي لعبة توازن قوى، وموازنة بين عناصر ضاغطة على عملية صناعة القرار، وإذا كان القرار يخص الشرق الأوسط، فتلك منطقة تتحرك فيها استراتيجيات قوى إقليمية لها فيها أهداف، ومطامع، ومصالح، وهنا يتطلب من العرب بلورة استراتيجية في التعامل مع الإدارة الجديدة.
- فيما توقعت الدكتورة منار الشوربجي الخبير في الشؤون الأمريكية ألا يحدث تغيير كبير في السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي .. موضحة أن تصريحات أوباما وبراعته السياسية في ذاتها تُعد المؤشر الأكثر أهمية، على أن أوباما في إدارته للسياسة الأميركية لن يختلف كثيراً عن سلفه الديمقراطي بيل كلينتون، وأوضحت أن الرئيس في أمريكا ليس صاحب القرار كما يتوقع البعض، ولكن هناك مؤسسات ولوبيات لها قوتها والأخطر من هذا وذاك هو استعداد أوباما التام واللا محدود لأن ينحني أمام أية عاصفة لئلا تؤثر على مستقبله السياسي. وهو أيضاً من سمات واشنطن التي صارت أسيرة جماعات المصالح القوية.
ففي أثناء الحملة مثلاً كان أوباما مستعداً على الدوام للتخلي عن عدد من الشخصيات والرموز التي تعرضت للانتقاد خاصة أن منهم من اتهم بالتعاطف مع العرب مثل مازن الصباحي الذي عمل لأسابيع قليلة فقط مسؤولاً في حملة أوباما عن التواصل مع الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين، وقد اضطر الصباحي للاستقالة بعد تقارير ملفقة اتهمته بالارتباط فيما سبق بدوائر إسلامية متطرفة. وأوضحت الشوربجي أن المثير للقلق حقاً أن أوباما قد أثبت المرة بعد الأخرى أنه على استعداد للانحناء تماماً أمام أية ضغوط حتى لو كانت تأتي من أكثر الجماعات تطرفاً، وخطورة هذا التوجه أنه يكشف عن خلل خطير يعتور شعار التغيير الذي يرفعه أوباما. فالتغيير الذي يقصده لا يشمل مثلاً مواجهة التعصب ضد العرب والمسلمين؟
- وأكد الدكتور عمرو الشوبكي خبير النظم السياسية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام أنه ليس هناك اختلاف كبير فيما يتعلق بالقضايا العربية والفلسطينية، بين أوباما وغيره من رؤساء الولايات المتحدة؛ لأنه مجتمع لا يتحرك بدوافع أخلاقية أو قيمية؛ فعدالة القضية الفلسطينية تحتاج إلى جماعات خارج مؤسسات الحكم التي تدخل ضمن توازنات القوة وجماعات الضغط؛ في ظل غياب كامل للطرف العربي والفلسطيني عن المحافل الدولية.