كتب - محمد المنيف
الرياض العاصمة الأجمل من بين مختلف المدن.. وصف لا يخالفني فيه عاشق لهذه المدينة ومحب لكل ما فيها ومن على أرضها كما هي مدننا في كل جزء في هذا الوطن العالي، الرياض لها وقع خاص في النفوس وفي وجدان التشكيليين.. صور كثيرة من هذا العشق الذي ينتظر أن يفسح له المجال ليكشفوا حجم ما يحملونه لمدينتهم من حب يزداد مع كل مظهر من المظاهر الحضارية التي تزدان وتتزين بها الرياض ويؤملون أن يساهموا فيه.
هذا الأمل الذي يحلم بتحقيقه التشكيليون يتمثل في مشاركتهم المهندسين تجميل مدينتهم أسوة بكل الفنانين في العالم ممن يجدون الاهتمام والدعم والدعوة لهم للمشاركة في كيفية إضفاء الجمال على مساحات الحدائق والميادين والأنفاق والجسور، هذا الطلب لم يكن وليد اللحظة أو نتاج تفاعل مع ما تحقق للرياض من تطور بقدر ما كان حلماً منذ أن أخذت الفنون التشكيلية وضعها الطبيعي وأصبح لها مبدعون في كل منطقة، وللرياض نصيبها. لقد كانت للتشكيليين محاولات جادة قوبلت بالتهميش أحياناً وبغض الطرف أحايين كثيرة؛ فلم يكن يخطر في بال المعنيين بالشؤون الهندسية بأمانة مدينة الرياض أن للفنانين التشكيليين في كل مدن العالم دوراً في الرأي تضيف جوانب تضفي على رؤية المهندسين بعداً جديداً في ما يتعلق بالتجميل، ومن المؤسف أن المهندسين بالأمانة يعرفون الكثير عما يمكن أن يقدمه التشكيليون لكن السؤال لا يزال مطروحاً عن الإشكالية وعدم الالتقاء بين الطرفين والتعرف على ما يمكن المساهمة بدءاً بما كان يسعى إليه الفنان الراحل محمد السليم - يرحمه الله - ومطالبته بمشاركة الفنانين بتجميل الرياض؛ فجاءت الإجابة عن هذه المطالبة إزالة أحد أعماله الميدانية بعد رحيله مع أن الشكل كان من أبرز الأشكال الجمالية وأقدمها في الرياض تمثل في مبخرة تحيط بها دلال تم تنفيذها بالبرونز في أحد المعامل المتخصصة في إيطاليا كانت أمام مدخل قاعدة الرياض الجوية وهو أمر لا يمكن الاعتراض عليه فقد يرى من أزالها أن النافورة أفضل.
تواصل انتظار تحقيق الحلم
لم تتوقف الرغبة عند الفنانين التشكيليين لتحقيق هذه الأمنية أو الحلم في أن يكون لهم فرصة للتعبير عن حبهم للرياض والمشاركة في الارتقاء بالثقافة البصرية من خلال الإبداعات التشكيلية فامتدت المطالبة في مراحل متلاحقة عبر الصحف وفي مقدمتها بل الأبرز فيها جريدة الجزيرة وكان لكاتب السطور تجربة طويلة بدأت بإعادة طرح (الفكرة الحلم) عبر هذه الصفحة عام 1408هـ وجهت فيها رسالة باسم التشكيليين إلى سمو سيدي أمير الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يجد منه التشكيليون كعادته - يحفظه الله - الدعم والتشجيع تمثل ذلك في رعايته للكثير من المعارض، ويكفي الفنانين في الرياض شرفاً أن يكون أول معرض جماعي للتشكيليين السعوديين في الرياض على شرف سموه الكريم عام 98هـ - 78م إضافة إلى ما تبع ذلك من تشريف شخصي ورعاية متواصلة لا يزال التشكيليون يجنون ثمارها، قام سموه الكريم بإحالة الفكرة إلى الأمانة وتم اللقاء بين المحرر (كاتب السطور) والأستاذ عبدالله النعيم أمين مدينة الرياض السابق، وطرح الأمين وجهة نظرة نشرت في وقتها؛ ليتواصل الأمل في مقالات عدة حظي المحرر فيها باستجابة وتشجيع من قبل سمو أمين مدينة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن مقرن حيث قال سموه إن الأمانة على استعداد للتعاون مع التشكيليين فليقدموا ما لديهم، هذه الاستجابة من أعلى هرم الأمانة تنتظر المبادرة أيضاً من الإدارات المعنية التي يتوقع التشكيليون أن توجه لهم من قبلها الدعوة لتقديم ما لديهم، خصوصاً أن الأمر أصبح مطلباً لا يقبل التجاهل أمام تزايد المساحات والميادين والأنفاق والدوارات في الكثير من الشوارع وهي من أجمل المساحات للأشكال الجمالية وللمسات الفنانين والفنانات.
جمعية التشكيليين بيت القصيد
إلى هنا يمكن أن نكون قدمنا موجزاً عن الرغبة السابقة من التشكيليين والتي لا تزال معلقة تنتظر مبادرة الأمانة وفتح المجال للفنانين لتقديم ما لديهم لتجميل الرياض لنعود للقول إن الفرصة اليوم ستكون أكثر تنظيماً وتسهيلاً لتنفيذها نتيجة ما تحقق للفن التشكيلي خلال العام المنصرم من تأسيس جمعية مختصة تتبع وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام تحمل اسم الجمعية السعودية للفنون التشكيلية الجهة المعنية الآن بكل ما يتعلق بالفنون التشكيلية وبالتشكيليين لمد جسور التعاون مع بقية القطاعات، مذكرين بما حظي به التشكيليون من تكريم عبر إتاحة الفرص لتجميل الكثير من المؤسسات الرسمية والخاصة، منها - على سبيل المثال - وزارة الداخلية ومبنى رئاسة الحرس الوطني وقيادة الأركان ومختلف المطارات السعودية، وغيرها كثير.
قبل الأخير
أود القول إن ما يطالب به التشكيليون كان ينتظر أن يكون من الإدارة الهندسية المعنية بالتجميل والتحسين من خلال مزيج بين النظرة الهندسية والإبداع التشكيلي؛ فلكل منهم ما يمكن الاستفادة منه، لكن الأمر يتعلق بجوانب تجميل اختص به الفنانون وباعتراف عالمي كما نراه في كثير من دول العالم، ونحن هنا حينما نطرح الفكرة من جديد يدفعنا إليها ما أصبحت عليه الرياض من تطور في مختلف مناحي الحياة الإنشائية في مشاريعها العمرانية أو التخطيط والإنسانية باعتبارها عاصمة للثقافة العربية وبما يتم فيها من مناشط وفعاليات ثقافية عالمية كانت ولا تزال الأمانة أحد الداعمين والمتميزين بتفعيلها؛ ليأتي دور الفنون التشكيلية في بناء العاصمة الرياض، ويمكن لنا أن نستشهد ببعض المبادرات التي قامت بها الإدارة المعنية بالتجميل، منها تجميل الأنفاق التي نفذت بقطع السيراميك أو ما يتم القيام به في ميدان القاهرة وعلى مراحل لا تزال تمر بولادة متعسرة جعلت المارين به في ترقب لما سينتهي إليه.. هذه النماذج وغيرها يرى التشكيليون أن لديهم ما يضفي عليها الكثير من التصاميم المستلهمة من موروث بصري إسلامي وشعبي ليعطي طابعاً خاصاً للرياض يوثق في عيون وعقول أبناء الرياض ويتعرف عليه ضيوفها كثقافة ومنتج يشكل هويتنا الإبداعية.