Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/01/2009 G Issue 13265
الخميس 25 محرم 1430   العدد  13265
دراسة في علم الصرف وفي رجاله ومصنفاته (3)
د. عبدالكريم محمد الأسعد

 

ذكرنا في إحدى الحلقات السابقة أن أبا عثمان المازني المتوفى سنة 247هـ يعد من أشهر علماء الصرف في مراحله الأولى، ونضيف أن المازني كان أستاذاً للمبرد، وفيه يقول: (لم يكن بعد سيبويه أعلم من المازني). وروى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وكان لا يناظره أحد إلا قَطَعَه لقدرته على الكلام، وقد أشخصه الخليفة العباسي الواثق من البصرة إلى (سُرَّ مَنْ رأى) - سامراء حالياً - مكرماً بسبب رأي له في مسألة اختلف فيها، وقال له: (صدقت)، وأمر له بصلة جزيلة، وأجرى عليه في كل شهر مائة دينار؛ فأخذها إلى أن مات الواثق فقُطِعَت عنه.

وللمازني شعر قليل منه قوله:

شيئان يعجزُ ذو الرياضة عنهما

رأيُ النساء وإمرَةُ الصبيان

صنّف المازني كتابه (المنصف) الذي يعد الإمام في مصنفات الصرف الخالص، وجمع فيه موضوعات الصرف الموجودة في كتاب سيبويه بعد أن فصلها عن موضوعات النحو التي اختلطت بها فيه ثم صاغها صياغة علمية متقنة؛ فنظم بذلك قواعد هذا العلم ومسائله وأقامه علماً مستقلاً بأبنيته وأقيسته وتمارينه الكثيرة التي ذلّل بها شوارده ويسّرها للباحثين بعده أمثال أبي علي الفارسي وتلميذه ابن جني.

ومن أشهر علماء الصرف أبو الفتح عثمان ابن جني، كان أبوه مملوكاً رومياً، وهو من أعلم المشتغلين بالنحو والصرف والأدب، وقد صنف فيها جميعاً كتباً عظيمة حوت كلاماً دقيقاً كاملاً، ولابن جني في فتح مغلقات هذه العلوم وشرح مشكلاتها ما ليس لغيره، روي أنه اعتاد على الحضور عند المتنبي بحلب لمناظرته. وكان المتنبي يُعجب به، ويقول: (هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس). صحب ابن جني أبا علي الفارسي أربعين سنة، وكان سبب تلك الصحبة الطويلة أن أبا علي سافر إلى الموصل فمر بالمسجد الجامع وابن جني في حلقة يقرئ النحو وهو شاب فسأله أبو علي عن مسألة في التصريف فقصّر فيها، فقال له أبو علي: (لقد زبَّبْتَ قبل أن تُحصْرم)، فسأل ابن جني عنه، فقيل له: هذا أبو علي الفارسي؛ فلزمه منذ ذلك اليوم، فلما مات أبو علي تصدر ابن جني مجلسه في بغداد.

ومن مشاهير علماء الصرف من المتأخرين ابن الحاجب المتوفى في الإسكندرية، برع في العربية وغلب الصرف عليه، وكانت أكثر مصنفاته مختصرة منقحة مثل متن (الكافية) في النحو ومتن (الشافية) في الصرف، وله أيضاً شرحان للمتنين المذكورين وشرح (الإيضاح على مفصل الزمخشري) وكتاب (الأمالي) وجميعها تتسم بالحسن والجزالة.

هذا عن مشاهير أهل الصرف، أما المصنفات الصرفية فقد أصابها التطور المتواصل عبر القرون المتعاقبة، وحفل التاريخ القديم بكثير من كتب الصرف التي ضاعت بمرور الزمن ولم يبق منها إلا أسماؤها مثل كتاب (الهمز) لعبدالله بن أبي إسحاق الحضرمي المتوفى سنة 117ه وكتاب (التصريف) لأبي الحسن علي بن المبارك المعروف ب(الأحمر) المتوفى سنة 194ه وكتاب (التصاريف) لابن كيسان المتوفى 299ه. وحفل تاريخ العراق في فن الصرف بفيض من المصنفات التي لم تفقد، ومن هذه المصنفات منذ منتصف القرن الثاني حتى مطلع القرن الثالث الهجريين متن (المقصور) لأبي حنيفة النعمان المتوفى ببغداد سنة 150ه، وكتب الكوفيين مثل (التصغير) و(الوقف والابتداء الصغير) و(الوقف والابتداء الكبير) وجميعها لأبي جعفر الرؤاسي المتوفى سنة 187ه وكتاب (المصادر) للكسائي المتوفى سنة 189ه، وكتب (فعل وأفعَل) و(المقصور والممدود) و(المذكر والمؤنث) و(حد الفعل الثلاثي) و(حد الفعل الرباعي) و(حد الهمز) و(حد الأبنية) للفراء المتوفى سنة 207ه، وكتب البصريين نحو (المقصور والممدود) لليزيدي المتوفى سنة 202ه، وكتاب (المصادر) للنضر بن شُحيل المتوفى سنة 203ه، وكتابا (الهمز) و(فعل وأفعل) لقطرب المتوفى سنة 206ه، وكتب (فعل وأفعل) و(المصادر) و(الجمع والتثنية) لأبي عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة 210ه، وكتب (الجمع والتثنية) و(تحقيق الهمز) و(المصادر) لأبي زيد الأنصاري المتوفى سنة 215ه، وكتب (الهمز) و(المقصور والممدود) و(الاشتقاق) و(القلب والإبدال) و(فعل وأفعل) و(المذكر والمؤنث) للأصمعي المتوفى 217ه.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد