أوضحت الممثلة هالة صدقي أنها لا تتمنى عرض مسلسلاتها في رمضان، لأن رمضان بزعمها (مذبحة للعمل الدرامي) هكذا! وتبرر ذلك بأن زحمة المسلسلات التي تعرض على الشاشة تدفع المشاهد إلى عدم متابعة أي عمل درامي.
ولعل الفنانة المذكورة لا تعلم أن ذلك بسبب الغثيان الذي يصاب به المشاهد من جراء الإسفاف المعروض!! ولم تكتف الممثلة بذلك بل أضافت: (إن أعمالها الجديدة لا تصلح للعرض في رمضان لأنها لا تحمل طابع الحدوتة! بل تناقش قضية معينة! وهذا أمر لا يروق للمشاهد في رمضان حيث يحتاج إلى مسلسل لا يناقش مثاليات تدفعه للتفكير أو الاكتئاب. فالصائم ينتظر الفوازير أو عملاً مسلياً فيه حدوتة وراحة دماغ)!!
ما استوقفني في حديث الممثلة المذكورة لصحيفة الحياة هو العنوان الذي فرض نفسه (ما يفعلونه في رمضان إساءة للفن!!) وهو ما جعلني أقرأ الحوار كاملاً، وأقول في نفسي (والله؟ احلفي!) لأن الممثلة تتجاهل إساءة الفن لرمضان الكريم بعرض مسلسلات هابطة ودعايات سخيفة يندى لها الجبين ويتوارى المرء منها خجلاً، ويضطر للانتقال من قناة إلى أخرى أكثر احتشاماً! وقد لا يجد إلا القليل حتى ليخشى أن يجرح صيامه ويخدش مبادئه في مشاهدة بعض تلك المسلسلات أو البرامج!
ولعل غيري كثير ناقش تجاوزات القنوات الفضائية في رمضان حتى أصبح شرَّفه الله مرتعاً لكل شيء، ولا أنكر وجود بعض البرامج الهادفة التي استمتعنا فيها خلال الشهر الكريم، ولكن توقيتها كان غير مناسب إطلاقاً حيث تعرض في وقت إعداد وجبة الإفطار غالباً.
وإني لأرجو أن يأتي رمضان القادم ويكون فعلاً مذبحة للعمل الدرامي الهابط وإحياءً للعبادة والتقوى، وإن حصل ذلك فهو رحمة من الله بأن أراح المسلمين من هذا الغثاء الذي يعد له الفنانون ستة أشهر تحضيراً وتصويراً، وستة أشهر أخرى نقداً وتحليلاً وتبريراً ووعوداً بتقديم الأحسن بحسب نظرهم مستقبلاً! بدلاً من انتظار رمضان للعبادة والصيام ستة أشهر والدعاء ورجاء قبوله ستة أشهر أخرى.
ويجدر بنا أن نستيقظ لنحاسب أنفسنا! فخلال هذه السنوات العجاف مررنا بعدة تجارب وحراك اجتماعي عجيب لم ينتهِ بالأزمة المالية وغلاء الأسعار والتكالب على الدنيا بل وصل لانتشار البطالة الوهمية في ظل عزوف شبابنا عن العمل المهني الشريف. ولازالت حروب القنوات الفضائية وشركات الاتصالات الهاتفية تسعى للفوز بأكبر كعكة (حكي)! مما يجعل المرء لا يعرف إلى أين نحن متجهون ولا أين ستقف بنا الطريق!
ألا ترون حفظكم الله أن الحكي والهذر والثرثرة أصبح هو المهنة التي يجيدها الجميع من الممثلين والمطربين والمشاهدين والمعلمين والطلبة ورجال الأعمال والساسة بل وحتى ربات البيوت والأطفال؟
وهنا أود أن أسأل: إذاً مَنْ هو الذي يسمع إذا أصبحنا كلنا متحدثين ومُنظرين ونقاداً؟!
rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342