Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/01/2009 G Issue 13265
الخميس 25 محرم 1430   العدد  13265
الملك عبد الله وقمة الآلام والآمال
إبراهيم بن سعد الماجد

 

انعقدت القمة العربية الاقتصادية الأولى في دولة الكويت، هذه القمة التي خطط لها قبل أكثر من عام، في تطلع من القيادات والشعوب العربية إلى نقلة اقتصادية للمنطقة العربية برمتها...

ولكن هذه القمة ومن قبل انعقادها بأشهر بدت علامات سوء طالعها بهذه النكسة الاقتصادية العالمية، وجاءت الأحداث المؤلمة في (غزة) لتحولها إلى قمة اقتصادية سياسية، وطغى الجانب السياسي عليها، بل إن الشعوب العربية تنظر إليها من الجانب السياسي فقط.

لذا فإنني سأتناول الجانب السياسي لهذه القمة لكونه الداعم الرئيسي لأي نمو وازدهار اقتصادي، منطلقا من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تلك الكلمة الموجزة الوافية الشافية التي أثلجت صدورنا لكوننا نتطلع وبلهفة منذ أمد بعيد إلى وحدة عربية صادقة تجعل منا أمة مهابة الجانب لا يمكن لأي عدو أن يجرؤ على النيل من أي جزء منها مهما كان الأمر كما قال خادم الحرمين في كلمته أمام الكويت حيث قال: (يجب أن أكون صريحا صادقا مع نفسي ومعكم فأقول.. إن خلافاتنا السياسية أدت إلى فرقتنا وانقسامنا وشتات أمرنا وكانت هذه الخلافات وما زالت عونا للعدو الإسرائيلي الغادر ولكل من يريد شق الصف العربي لتحقيق أهدافه الإقليمية على حساب وحدتنا وعزتنا وآمالنا).. وحدة ينشدها بلا شك كل إنسان يعي ماذا يعني أن نكون كما يريد لنا ديننا الحنيف أن نكون يداً واحدة وجسدا واحدا نعتصم بحبل الله المتين كما قال سبحانه وتعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} هذا الاعتصام الذي على صخرته تتحطم كل قوى الأرض الباغية والغادرة ولا يمكن لأي عدو أن يتربص بأي من أفراد هذه الأمة.

إن خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هذا الخطاب الموجز الذي كان فيه - حفظه الله- واضحاً صريحا منصفا من نفسه قبل الآخرين، حيث قال: (إن قادة الأمة العربية مسؤولون جميعا عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا وعن الضعف الذي هدد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحدا منا لقد مضى الذي مضى واليوم أناشدكم بالله جل جلاله ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة، باسم الدم المسفوح ظلما وعدوانا على أرضنا في فلسطين المحتلة الغالية، باسم الكرامة والإباء، باسم شعوبنا التي تمكن منها اليأس أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا وأن نسمو على خلافاتنا وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا ونقف موقفا مشرفا يذكرنا به التاريخ وتفخر به أمتنا).

.. هذا الخطاب أو قل هذه الدعوة الصادقة الواضحة من خادم الحرمين التي لا تحتمل التأويل.. إنها دعوة الجميع ساسة ومفكرين علماء ومصلحين، ولكن هل تجد من الآخرين آذانا صاغية وقلوبا صافية تسعى لرأب هذا التصدع الخطير في العلاقات العربية العربية؟ هذا التصدع الذي لم يكن وليد اليوم بل هو قديم قدم هذه الزعامات التي لا يمكن أن تصنف إلا أنها تسعى لخدمة ذواتها إذا أحسنا الظن..!

إن الأمة لا يمكن أن تكون أمة لها هيبتها ومكانتها بين الأمم وما دامت لم توحد صفوفها وتتنازل هذه القيادات عن عنترياتها وادعائها ما لا تملك، وكل ذلك بغية كما أسلفت تحقيق مصالح ذاتية على أحسن الظن.

لقد عانت أمتنا وعلى مدى عقود من هذه الانقسامات العربية أشد ما تكون المعاناة، مما أوهنها وسلط عليها الأعداء الذين ساموها العذاب فرملت النساء ويتم الأطفال واسترخص الدم العربي المسلم، هذا الدم الذي قال عنه خادم الحرمين الشريفين عندما أعلن تقديم المملكة ألف مليون دولار لإعمار غزة: (إن قطرة دم واحدة من الدم الفلسطيني أغنى من كنوز الأرض وما احتوت عليه).

في قراءة سريعة لخطاب الملك أمام قمة الكويت، ندرك عظم الهم الذي يحمله الملك عبدالله تجاه كافة قضايا الأمة، وهذا التطلع الكبير من لدنه -حفظه الله- لتوحيد الصف العربي ليكون جبهة قوية ومنيعة أمام الأعداء عامة ودولة الاحتلال على وجه الخصوص.

كم نحن متعطشون إلى لمِّ هذه الصفوف العربية المتناثرة بل المتخاصمة والمتعادية، والتي بسببها سالت هذه الدماء الطاهرة على أرض غزة ولا نضمن عدم تكرارها إذا لم نوحد الصفوف ونعتصم بحبل الله المتين، فهل يستجيب قادة الأمة لدعوة خادم الحرمين الشريفين..؟ هذه الدعوة التي أعلن من خلالها مد يد المسامحة والتصافي مع الجميع دون استثناء تأكيد منه -حفظه الله- على عزيمته الصادقة لتوحيد صفوف الأمة وجمع كلماتها.



Almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد