الموافقة الملكية السامية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - التي اشتملت على إحداث 204 آلاف وظيفة تعليمية؛ لتحسين أوضاع المعلمين والمعلمات في وزارة التربية وفي مختلف التخصصات تعتبر بحق إنجاز المشهد الكبير على مساحة الوطن الغالي.
إن هذه الموافقة السامية التي جاءت لتسوية وتحسين أوضاع المعلمين والمعلمات وفقاً للمستويات المناسبة لمؤهلاتهم العلمية قد ظل هؤلاء ينتظرونها سنوات وسنوات، ولم يكونوا يشكون لحظة في أن حكمة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك الأفئدة والعقول والإنسانية، سوف تأتيهم بالبشارة والطمأنينة، خاصة أنه - حفظه الله - ومنذ عقود لا يزال يضع شأن المواطن وحياته على رأس أولوياته في قيادته لدفة هذه المسيرة الخيرة.
إن هذه الوظائف التي جاءت بهذا العدد الهائل إنما تعني في المقام الأول حرصاً سامياً على تعزيز أسس التنمية من خلال العمل بكل الطاقات، وبمختلف الوسائل إلى رفع كفاءة المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم، إيماناً بأن هذا المعلم وتلك المعلمة إنما تقع على عاتقهم عملية بناء الإنسان السعودي، وتهيئته لريادة الغد وفي يده سلاح العلم، وفي عقله مفردات الحضارة الإنسانية.
يبقى الدور على المعلم والمعلمة نفسها، حيث لن يكون هناك أي قيمة للنقلة المادية - على أهميتها - إن لم ترافقها نقلة نوعية في تطوير القدرات وتمهين الذات، والاعتراف الصريح بأن هناك حاجة إلى زيادة وعي المعلم بدوره، وإن هناك قيمة أكبر من المعنى المادي المجرد.
لا يمكن لأي حامل لمؤهل علمي أن يرضى على نفسه التقصير في الأداء حين يجد نفسه وقد أنصفته أمته ودولته، وحين يجد بين يديه أجيالاً سوف تنقل إرثه إلى جيل بعده. وهنا تكمن أهمية الجلد والصبر في مجال التحصيل والتطوير الذاتي، وليس من العيب أبداً أن ينظر الإنسان إلى زوايا في نفسه تحتاج إلى إضاءات وإلى جوانب تحتاج إلى تهذيب. إن الميدان كفيل بأن يفرز الصالح من عدمه، وهنا تكمن أهمية دور المشرفين والمدربين الذين يستطيعون إحداث النقلة النوعية التي يحتاج إليها معلم ومعلمة ما بعد هذه الموافقة الملكية السامية. لم يعد لأحد من عذر في أن تكون الجهود بحجم أو على الأقل متناسبة مع هذه اللفتة المكرمة البيضاء، لمقام صاحب العطاء.
نحن أمام تحد كبير له طرفان:
طرف مادي تم إنجازه واعتماده بقرار سام، وطرف آخر إعدادي لابد من إنجازه بقرار إداري صادق أمين.. وتاليتها؟!!