حين هدأت أوزار العدوان وأخذ الأحياء يتنفسون هواء غزة المبحوح بالبارود والعطب..
نبشت الأصابع الأنقاض..
من يبحث عن ستر يدفئه في زمهرير شتاء الخوف..
من يحن لموطئ قدم على أرض دار ظللته سقفها ذات قيظ.. وحوته ذات ليال..
من يعيد الدار شامخة في هواء نقي ونسمات مطهرة..؟
من يقوى أن يستبدل صور الجثث وبقايا العظام وأشلاء الجلد وأسمال الكساء وبذور الحب وطحين الرغيف بما كان؟
من يلئم في الجنوب ما تصدع على آلة نازيي القرن الواحد والعشرين..؟
من يعيد للمآذن شموخها في فضاء تعمره نداءات الصلاة لأقدام تمشي على أرض جرفها تيار الحقد فاجتثت خضرتها وروي نداها..؟
الحاصدون يقولون: إن تكلفة الخسائر في غزة لحجم الدمار في المنازل والأبنية والمنشآت تكلف نصف مليار دولار..وتصفق على الصدور الأكف من أين وهي خاوية.. حتى من قيمة الرغيف يؤود جوعة العراء والبرد والخواء..؟
لكن المليار من الدولارات التي قدمتها هذه البلاد في وقفة أمة على لسان رجلها الأول نزلت بردا وسلاما على من فقد داره وخسر عماره وضاعت آماله..
حكيمة كانت هي وقفة عبدالله بن عبدالعزيز بمثل ما أنيط بهذه الأمة من قيادية أولى لقبلة المسلمين ومأوى طموحهم ومجمع توحدهم ومعقد العزم فيهم..
أعاد هذا الرجل في هذا الموقف لهذه الأمة صوتها الثابت ونبرتها التي لا تتلون ونيتها الجلية وصدقها المتفاعل وهو يقدم مليارا لإعادة بناء غزة لتعود اتجاهات الأقدام لدورها مطمئنة لمأواها..
أعاد وزن هذه الأمة في مواجهة ظلامة اليهود وأعوانهم حين جاءهم بحجة السماء التي في كتاب من كتب الله: العين بالعين لا بعيون مدينة كاملة..
أوصل صوت هذه الأمة جليا لا تلجلجه غاية غير ما هي مسؤوليتها أمام الله ثم البشر وهو يناشد برأب الشمل ووحدة الصف، فلئن تنازعتم تذهب ريحكم ويقوى عليكم عدوكم وأشد قسوة في التمثيل غزة بين السابع والعشرين من ديسمبر 2008 إلى الثامن عشر من يناير 2009..
فرد عباءة الإخاء عبدالله بن عبدالعزيز ليضم في جنحيها كل طرف مسلم شتته القول والمقعد والغاية ليكونوا على درب سواء ووجهة واحدة ومقعد صدق..
هكذا جاءت الإجابة عن كل سؤال يلاحق التائهين في خراب غزة لا دار تأوي ولا فرن يخبز ولا نبع ماء يصفو لذي سغب..
بوركت يا عبدالله بوركت مساعيك وبوركت منك نهضة الهمم..
هي لبنات في الأرض لكنها في السماء حصاد..