لقد أوجز وأوفى خادم الحرمين الشريفين في كلمته الكريمة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربي المنعقد في الكويت ووضع فيه يده على الجرح الفلسطيني النازف والجرح العربي المؤلم؛ لأنه ضمير هذه الأمة وعقلها وقلبها. لقد كان لكلمته النبيلة البعيدة النظر والبعيدة عن جميع أشكال المزاودة والمتاجرة والنفاق السياسي الذي يمثل أخطر أمراض عصرنا وواقعنا السياسي الإقليمي والدولي؛ فلقد وصفت وشخصت الواقع العربي وهمومه خير توصيف وتشخيص ووضعت اللبنات الأساسية الصلبة للخروج من هذه الحالة المأساوية فلسطينياً وعربياً، والمتمثل في إنهاء حالة الخلافات غير المحمودة، والتي عانت منها الأمة العربية وقضاياها المختلفة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والانتقال من هذه الحالة المؤلمة إلى حالة عربية وفلسطينية أكثر تضامناً وتوحداً وارتقاءً إلى مستوى التحديات الخطيرة التي تواجهها منطقتنا العربية وقضيتنا المركزية قضية فلسطين؛ وبالتالي إخراج منطقتنا العربية من دائرة الاستهداف ودائرة الاستقطابات الإقليمية والدولية وإبعادها عن التوترات الضارة بمنطقتنا العربية والعمل على حماية الشعب الفلسطيني وقضيته وآماله وآمال الأمة العربية التي يهددها استمرار العدوان الصهيوني الغاشم على فلسطين الشعب والأرض والهوية.
وما الموقف العربي الشجاع الذي عبر عنه خادم الحرمين الشريفين في إعادة الاعتبار إلى مبادرة السلام العربية كأساس للتسوية المنشودة والتذكير بها وتوجيه الرسالة الواضحة لجميع قوى العالم وللعدو الصهيوني بأن هذه المبادرة لن تبقى على الطاولة دائماً وأبداً إن لم تجد طريقها للتنفيذ والتطبيق، هذا الموقف الرائد والشجاع جاء معبراً عن كل مواطن عربي؛ لأنه نابع من الإيمان القوي والصادق بالحق العربي والحق الفلسطيني وضرورة إحقاقه والمتوافق مع الشرعية الدولية. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين أن هذا الموقف لم يكن نابعاً من موقف ضعف أو من قلة حيلة أو عن عدم وجود بدائل عربية له بل نابع من ثقة بالنفس وثقة بالأمة وقدراتها ومن إيمان بالعدالة التي لا بد من إحقاقها في حق الإنسان العربي وخصوصاً في فلسطين الجريحة. إن ما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين الشجاعة وما تضمنته من مبادرات خيرة وكريمة ليست مفاجأة لنا نحن الفلسطينيين لأنها جاءت في سياق النهج الدائم والمستمر الذي عهدناه من قادة المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما أنها تأتي في سياق النهج الدائم والمستمر للمملكة في وضع إمكاناتها المادية والمعنوية في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته ودعم صموده ونضاله على كل المستويات العربية والدولية وفي خدمة الأمة العربية وقضاياها العادلة، وفي هذا السياق أيضاً يأتي إعلان خادم الحرمين الشريفين بالتبرع نيابة عن شعب المملكة بمبلغ ألف مليون دولار إسهاماً في إعمار قطاع غزة الجريح ليمثل موقفاً عملياً في محو آثار العدوان الغاشم وعلاج جروح شعبنا في قطاع غزة الحبيب.
* مدير عام مكاتب اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني