أعلنت وزارة العمل أنها ستتدخل لمنع أي فصل تعسفي للموظفين السعوديين بالقطاع الخاص إذا كانت الذريعة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. جاء ذلك بتصريح لمعالي وزير العمل قبل عدة أيام وبالفعل كان التوقيت ممتازاً لهذا التصريح المباشر قبل أن تبدأ هذه الظاهرة بالانتشار بعد أن أعلنت بعض الشركات احتمال استغنائها عن بعض الوظائف دون أن تحدد جنسيتهم وبالتأكيد لم تتحرك الوزارة لولا معرفتها بأن هناك من يحاول استغلال الأزمة للتملص من مسؤولياته الاقتصادية والاجتماعية وورود معلومات تؤكد بدء البعض بذلك. من المعروف أن لكل أزمة تجارها الذين يحاولون استغلالها بأي شكل من الأشكال؛ فارتفاع الأسعار استغله البعض بطريقته وغيره من الأمور الأخرى التي عايشناها ونعايشها دائماً ولكن لماذا يرى بعض أصحاب الشركات والمؤسسات بأن السعودة التي يطبقها قسرية ويعتبر نفسه مكرها عليها فبالتالي ينتظر أي فرصة سانحة للتخلص من السعوديين الذين قام بتوظيفهم رغم أن هذه الشركات تعتمد غالبيتها على الإنفاق الحكومي والمشاريع التي تعتمدها الدولة بميزانياتها ليس فقط لتطوير البنى التحتية والتنمية بل لإيجاد فرص عمل للسعوديين بالمقام الأول، وأيضا دعم تلك الشركات والمؤسسات لتنشيط العملية الاقتصادية فمن واجب القطاع الخاص أن يكون شريكا في تحقيق توجهات الحكومة بشكل عام في تأهيل وتدريب وتطوير قدرات الشباب السعودي وفتح المجال لهم بالعمل دون أي ضغوط أو إشعارهم بأنهم مفروضون عليه وبالتالي تصبح السعودة مجرد مظهر وشكل من أشكال إتمام ملف أي معاملة يفترض أن يكون من بين أوراقها ما يثبت تحقيق نسبة السعودة المطلوبة للمنافسة على أي مشروع معتمدين فيها على الكم وليس الكيف. بالتأكيد هناك جهود تبذل من وزارة العمل لسد أي ذريعة أمام القطاع الخاص من تأهيل الشباب وتدريبهم وحتى تحمل نصف مرتباتهم بالمرحلة الأولى من خلال صندوق الموارد البشرية لبعض المهن وببعض القطاعات ولكن يجب أن تترسخ القناعة لدى بعض التجار بأن السعودة أصبحت قاعدة ولا يمكن الحياد عنها وبالتالي يفترض الاهتمام بها والاستفادة من طاقات الشباب بشكل كبير وتطويرها والتعامل معها كرافد إيجابي لهم لتحقيق نجاحاتهم التجارية وليس العكس واليوم عندما ننظر إلى النسب المعلنة للعمالة السعودية بالقطاع الخاص نجد أنها لا تتعدى 15 بالمائة من أصل قرابة 6 ملايين وظيفة بالقطاع الخاص ولو قامت الشركات والمؤسسات باستيعاب جميع طالبي العمل لما وصلت النسبة إلى 30 بالمائة وهي نسبة متواضعة قياسا بحجم الأعمال المتاحة بالاقتصاد السعودي ومستقبله الكبير، وقد تكون الحاجة لسن قوانين جديدة أكثر إلزاما بالسعودة ملحة في ظل محاولة البعض استغلال أي فرصة للتخلي عن دوره باستقطاب الشباب السعودي حاليا فلا يمكن أن نحل مشكلة البطالة التي تعاني منها العديد من الدول جراء الأزمة العالمية على حساب شباب وشابات الوطن لأن الواقع يكشف يومياً عن الحاجة لذلك فعجلة التنمية الاقتصادية يعتبر الرافد الأساسي لها هو المواطن بالدرجة الأولى ومدى تمتعه باستقرار وظيفي من خلال تأمين فرصة عمل كريمة تساعده على بناء مستقبله وبالتالي يصبح داعماً للنمو الاقتصادي من خلال قدرته الإنفاقية والاستهلاكية ومصلحة القطاع الخاص عموماً تكمن في المساهمة الفعالة بدعم ذلك لأنه يصب في مصلحته بشكل مباشر وغير مباشر فلن تتنوع مصادر الدخل ولن يكون هناك توسع بالمشاريع وزيادة بالإنتاج دون أن يكون هناك مستهلك قادر على تنشيط الطلب على السلع والخدمات ولا يمكن أن نستورد هذا المستهلك من الخارج بأي حال من الأحوال لأنك دائما تتعامل بحساباتك التوسعية مع العامل الثابت وليس المتحرك وهذا العامل هو المواطن بالدرجة الأولى.