واشنطن - ا.ف.ب
أصبح باراك أوباما أمس الثلاثاء الرجل الأقوى في العالم في ختام صعود غير متوقع على خلفية رسالة وحدة وتضامن كان لها بالغ الأثر لدى الأميركيين في فترة متأزمة.
في السابعة والأربعين، أصبح أوباما أول رئيس أمريكي أسود مجسداً (حلم) مارتن لوثر كينغ المدافع عن حركة الحقوق المدنية، هذا (الحلم الأميركي) الذي حرص على بثه في مناصريه خلال حملته الانتخابية.
وقال عنه كاتب سيرته الذاتية ديفيد ميندل (إنه السياسي الأوفر حظاً الذي صادفته).
في أيلول - سبتمبر الفائت، وقبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية في الرابع من تشرين الثاني- نوفمبر، بدا التنافس شديداً بين أوباما وخصمه الجمهوري جون ماكين. ولكن في 14 أيلول- سبتمبر، اندلعت أزمة اقتصادية غير مسبوقة في العالم. وأفاد أوباما من تدهور شعبية الإدارة الأمريكية، مؤكداً أن الأزمة هي نتيجة سياسة اقتصادية متهورة وداعياً إلى العودة للدولة القوية. وبذلك، أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه حتى موعد الانتخابات.
في كتابه (أوباما من الوعد إلى القوة)، يروي ديفيد ميندل كيف فاز أوباما بمقعده في مجلس الشيوخ العام 2004 في مواجهة خصوم كثرت أخطاؤهم وفضائحهم، في حين لم يكن الأوفر حظاً لتولي هذا المنصب.
وكتب ميندل أن (البلاد تحتاج إلى بعض الحظ في الوضع الذي هي عليه. أمل أن يتمكن من التصدي للأزمة الاقتصادية). وعرف أوباما صعودا لافتا منذ تموز- يوليو 2004، حين اكتشف الأمريكيون كاريزما هذا العضو الشاب في الكونغرس والذي يمثل ولاية إيلينوي (شمال).
ومن أقواله التي انتزعت بكاء المستمعين (ليس هناك أمريكا يسارية وأمريكا محافظة، هناك الولايات المتحدة الأمريكية. ليس هناك أميركا سوداء وأمريكا بيضاء أو أمريكية لاتينية أو آسيوية، هناك الولايات المتحدة الأمريكية.
نحن واحد.
هذه الدعوة إلى الوحدة فعلت فعلها في بلاد شهدت انقسامات كثيرة إبان ولاية الجمهوريين.
عندما ولد أوباما في الرابع من آب- أغسطس 1961 في هاواي، من أب أسود من كينيا وأم بيضاء من ولاية كنساس، كان الزواج بين الأعراق المختلفة محظورا في كل ولايات الجنوب الأمريكي تقريباً، قبل أن تسمح به المحكمة العليا في حزيران- يونيو 1967م.
عاش في كنف جديه وهما من البيض. وعشية الاقتراع الرئاسي توفيت جدته مادلين دانهام (86 عاما) التي لعبت دورا رئيسيا في حياته.
درس في جامعة كولومبيا وحصل على شهادة تؤهله لمهنة مربحة في قطاع المال، لكنه اختار العمل الاجتماعي في معازل السود في جنوب شيكاغو. وغادر المدينة بعد ذلك ليدرس في هارفرد، المعبر التقليدي للنخبة الأمريكية. وبعد هارفرد، عاد إلى شيكاغو للعمل محاميا في مكتب التقى فيه المحامية ميشال التي تحمل شهادة من جامعتي برينستن وهارفرد والتي أصبحت زوجته (وصخرة) حياته كما يلقبها. وقد رزقا بابنتين ماليا (تسع سنوات) وساشا (سبع سنوات). انطلقت حياته السياسية العام 1996 مع دخوله مجلس شيوخ ولاية إيلينوي. وفي العام 2004، أصبح الأسود الوحيد العضو في مجلس الشيوخ الأمريكي.
بدأت حملته الرئاسية رسميا في العاشر من شباط- فبراير 2007 في خطاب ألقاه في المكان نفسه الذي ألقى فيه الرئيس الأميركي الراحل إبراهام لينكولن خطابه الشهير حول العبودية. ثم خاض معركة شرسة في مواجهة منافسته هيلاري كلينتون قبل أن يفوز عليها في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
ولم يبق أمامه سوى خصم واحد هو جون ماكين. وبعد تعبئة غير مسبوقة للقاعدة الناخبة السوداء وتلك المتحدرة من أصل أسباني، انتخب أوباما رئيساً بأكثرية 53 في المائة من الأصوات.
يومها، قال لمناصريه الذين بكى كثيرون منهم لرؤيتهم أسود يدخل البيت الأبيض، (وصل التغيير إلى أمريكا).