Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/01/2009 G Issue 13261
الأحد 21 محرم 1430   العدد  13261
سيدات الأعمال السعوديات وعوائق عدة
فايز بن ظاهر الشراري

 

سيدات الأعمال في بلادنا من أكثر الشرائح الأنثوية تضرراً من تلك النظرة التقليدية التي يتبناها المجتمع تجاه المرأة، تلك النظرة التي تسببت في التأثير على الأنظمة والتي أصبح كثير منها يقف في صف تلك النظرة والتي هي بمثابة القدر الذي يلاحق المرأة في أي مكان تكون فيه. تشهد بلادنا أعداداً كبيرة من سيدات الأعمال اللاتي يمتلكن رؤوس أموال كبيرة نجد - وللأسف - أنه يتم استثمار نسبة كبيرة منها خارج المملكة. حيث تشير الإحصاءات إلى أن سيدات الأعمال السعوديات يستثمرن مئة مليار ريال خارج المملكة منها ستون ملياراً في دبي وحدها!

والسبب بطبيعة الحال يعود إلى صعوبة الأنظمة التي تواجهها سيدة الأعمال السعودية في بلادها ما جعل من بعض الدول تكون مصدر جذب لها بما تقدمه للمستثمرين - من الجنسين - من تسهيلات كبيرة ومحفزات لا حدود لها.

هناك معوقات كثيرة تواجهها سيدات الأعمال السعوديات في نظري أن أول أسبابها هو نظرة المجتمع السلبية تجاه المرأة والفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف حتى أصبحنا نرى أن المرأة تعاني من تضييق اجتماعي غير مبرر ينسب إلى الدين في حين أن الدين من ذلك التضييق براء. أما ثاني أسباب تلك المعوقات التي تعانيها سيدة الأعمال السعودية هو عدم إفساح المجال للمرأة السعودية للمشاركة في رسم السياسة الاقتصادية في البلاد.

فيما يخص نظرة المجتمع السلبية للمرأة فإن ذلك يتجلى واضحاً من خلال مشكلة الوكيل الشرعي التي لا تزال قائمة على الرغم من أنه تم إلغاء نظام الوكيل الشرعي، ومع هذا لا تزال هذه المشكلة مستمرة وتعاني منها سيدات الأعمال واللاتي يتم مطالبتهن بهذا الوكيل ما يشير إلى وجود خلل في الأنظمة التي تتعامل بها وزارة التجارة مع سيدات الأعمال.

كما أن البنوك تطالب سيدة الأعمال بكفيل من أجل الحصول على قرض بينما لا يتم مطالبة رجال الأعمال بهذا الكفيل!! وهذان الأمران يشيران إشارة واضحة إلى أنه ينظر إلى المرأة بعين النقص وعدم الكفاءة.

أما فيما يخص عدم إفساح المجال للمرأة للمشاركة في رسم السياسة الاقتصادية للوطن تلك المشاركة التي تتيح لسيدات الأعمال عرض ما يواجههن من مشكلات فإنه تمخض عن ذلك الكثير والكثير من المعوقات التي تكالبت على سيدات الأعمال السعوديات واللاتي يعانين منها في مختلف نشاطاتهن التجارية. حيث إن هناك من يتم مطالبتهن بسعودة منشآتهن رغم عدم توفر كفاءات سعودية قادرة على تولي العمل في كثير من المنشآت التجارية مثل مشاغل الخياطة.

ناهيك عن أن هناك سيدات أعمال تقدمن بطلب ترخيص لهندسة الديكور فتم رفض طلبهن لأنه وببساطة ليس لدى الأقسام النسائية في مكاتب العمل تراخيص لهندسة الديكور، وهنا تضطر المتقدمة إلى تغيير نشاطها إلى نشاط آخر قد لا تكون ملمة به بشكل مناسب يضمن لها النجاح والاستمرارية.

أما إذا نظرنا إلى حال سيدة الأعمال السعودية مع الجهات الحكومية فسنجد أنه حال يرثى له حيث كثرة تلك الجهات التي يجب أن تمر عليها أوراق سيدة الأعمال وتعقيد إجراءتها والتي قد لا تكون سيدة الأعمال على إلمام كامل بها كما هو حال كثير من السيدات والفتيات السعوديات مع الدوائر الحكومية حيث عدم الإلمام بأسماء كثير منها فكيف بالإلمام بإجراءاتها!! والأدهى من ذلك أن هناك موظفات في الأقسام النسائية في مكاتب العمل يجهلن كثيراً من الأنظمة، وهذا ما يزيد من معاناة سيدة الأعمال في إنهاء إجراءاتها.

ولعل ما أثار دهشتي في أنظمة وزارة التجارة حينما علمت أن وزارة التجارة تفرض على كل سيدة أعمال تتقدم بطلب فتح سجل تجاري عقد إيجار عقاري من مكتب عقاري في حين أن المكاتب العقارية ترفض منح سيدة الأعمال العقد باسم مؤسسة لم تنشأ!! ومع هذا فلا تزال هذه المشكلة قائمة وتعاني منها سيدات الأعمال.

كما أن هناك قضية مهمة تعانيها سيدات الأعمال وهي تخص مكان عقد الصفقات مع الرجال حيث لا يوجد تنظيم واضح بهذا الخصوص يسهل مهمة الالتقاء وعقد الصفقات.

من خلال اطلاعي على واقع سيدات الأعمال في بلادنا وجدت أن المشكلة الرئيسة تكمن في الواقع الاجتماعي للمرأة السعودية والذي يضيق الخناق على المرأة بحجة الدين والعادات.

فمتى ما استطعنا معالجة ذلك الفكر الاجتماعي المريض مع إعطاء المرأة الثقة بالنفس فسيتم تذليل كل الصعوبات التي تواجهها المرأة السعودية في مختلف نشاطاتها التي تمارسها.

على وزارة التجارة والصناعة العمل على سرعة إنهاء معاناة سيدات الأعمال السعوديات وإفساح المجال لهن للمشاركة في رسم سياسة اقتصاد الوطن ووضع الأنظمة التي تكفل مساعدتهن في ممارسة أنشطتهن التجارية في وطنهن بكل يسر وسهولة دون الحاجة إلى تعقيدات لن يكون لها من أثر سوى هجرة الاستثمارات النسائية السعودية خارج الوطن وبالتالي هجرة أموال كبيرة كان من المفترض أنها ستسهم في معالجة البطالة في مجتمعنا وزيادة قوة اقتصاد الوطن.



fauz11@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد