Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/01/2009 G Issue 13261
الأحد 21 محرم 1430   العدد  13261
القمة ووحدة الموقف العربي
كمال يونس

 

تتواصل في عاصمة الكويت الشقيق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية التي تبدأ يوم الاثنين بمشاركة الرئيس زين العابدين بن علي ووفد تونسي كبير والغالبية الساحقة من القادة العرب وعدد من أبرز أعضائهم..

هذه القمة كان مقرراً أن تكون اقتصادية أساساً.. لكن الأوضاع المأساوية التي يمر بها الأشقاء الفلسطينيون في قطاع غزة المحتل فرضت على المؤتمر أجندة جديدة وملفات سياسية بالجملة ضمن القضايا التي تشملها محادثات المسؤولين الأول عن الدول العربية.. خلال الجلسات الرسمية للقمة وخلال المحادثات الثنائية والثلاثية التي سوف تنظم على هامشها.

وعلى الرغم من حرص دبلوماسية عدة دول عربية - بينها تونس - على تقديم المصلحة العليا للوطن العربي ومشاغل شعوبه الملحة وعلى رأسها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومقاومة الفقر والبطالة ومضاعفات الأزمة الاقتصادية العالمية..

فقد برز قبل القمة تنافس غريب بين من يعقد القمّة قبل الآخر أو عوضاً عن الآخر.. وهو سباق أوشك أن يغطي إعلامياً وسياسياً - بسبب أولويات بعض العواصم العربية - على العدوان الإسرائيلي الشرس في غزة.. والمذبحة التي يتعرض عليها الشعب الفلسطيني الأعزل أمام مرأى من كبار صناع القرار في العالم..

إن القادة العرب والوزراء الذين يشاركون في الاجتماعات التحضيرية مطالبون بأن يكونوا في حجم التحديات الإقليمية والدولية والمستجدات الراهنة.. وأن يستبقوا استلام الرئيس الأمريكي الجديد أوباما لمهامه عبر خطوات مهمة تفهم الإدارة الأمريكية القادمة جدية المطالب السياسية العربية وإلحاحها.. وعلى رأسها تطبيق قرارات الشرعية الدولية فيما يخص إنهاء احتلال إسرائيل لفلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة في 1967 وبينها الجولان السوري..

إن بعض المبادرات الدبلوماسية الصادرة عن من هنا وهناك تعطي انطباعاً بأنه لا تزال توجد عواصم عربية تفكر أساساً في توظيف القمم العربية ضمن أجندات محلية وللدعاية لمبادراتها.. وليس لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ومعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تنخر الوطن العربي وغالبية مجتمعاته.. وخاصة منها في البلدان غير النفطية..

إن الصراعات حول مكان القمة ورئاستها ومستوى المشاركة فيها مؤشرات تنذر مجدداً بتعميق الشرخ داخل الصف العربي.. رغم اقتناع الجميع بمخاطر الانقسام وسلبياته وبأنه إذا كان الانقسام الفلسطيني الداخلي خدم أجندة سلطات الاحتلال وتسبب في إيصال الشعب الفلسطيني إلى ما هو عليه الآن من معاناة.. فإنّ الانقسام العربي سوف يحول دون أيّ دور عربي حقيقي فاعل ومسئول يساعد على وقف مذبحة غزّة وإنهاء الحصار الجائر وعلى تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لـ300 مليون مواطن عربي..

كما تبين أن الدعوة إلى قمّة استباقية قبل يومين فقط من عقد قمّة مقرّرة منذ عام لم يكن يستند إلى أي منطق مفهوم.. وقد رفضت تونس منطق المزايدات والسباق بين الأحداث مفضلة التمسك بقرارها المستقل وبمساندتها المبدئيّة للقضايا العادلة وفي مقدمتها قضيّة فلسطين.. وبقرارها المبدئي القديم بالمشاركة في قمة الكويت.. بعد أن تعذر عقد قمة طارئة خاصة بفلسطين مباشرة بعد بدء العدوان في 27 ديسمبر الماضي.. أي منذ 3 أسابيع كاملة..

ومهما كانت خلافات الأمس القريب بين الأشقاء.. فإن من مصلحة الجميع تفادي خيار المزايدات.. وتراكم (المبادرات التاريخية) والمرور إلى الفعل.. من حيث تقديم الدعم المادي والسياسي اللازمين إلى الشعب الفلسطيني.. وتكريس انتماء الـ22 دولة عربية إلى أمة واحدة من خلال إقرار خطوات اقتصادية جدية تكرس تقاطع المصالح.. وتؤدي إلى فتح الحدود وتحرير حقيقي لتنقلات المسافرين والسلع والبضائع.. على غرار ما حصل في الاتحاد الأوروبي.. الذي تستخدم شعوبه أكثر من 15 لغة.. وينتمون إلى أديان ومذاهب وجذور عرقية مختلفة جداً..

كما ينبغي أن تسفر قمة الكويت الشقيق عن تكريس وحدة الجبهة الفلسطينية عبر وفاق قد يكون من الضروري أن تسبقه مبادرات ثنائية وجماعية لتحقيق مصالحة بين بعض العواصم العربية المعنية مباشرة بالصراع العربي الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي.. وما ذلك بعزيز على الكويت وقيادتها التي لعبت طوال العقود الماضية جهوداً تذكر في دعم حركات التحرر الوطني الفلسطينية - من فتح إلى حماس - وفي إنجاح جهود المصالحة العربية.. بدعم مباشر من الشيخ صباح أمير البلاد حالياً وزير الخارجية طوال العقدين الماضيين.

كاتب وأكاديمي تونسي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد