كنت أحمل العلم على كتفي واقفة باعتزاز على ناصيته قبل أن أرفعه على السارية مصاحباً ألحان النشيد الوطني، وما أن يرفرف عالياً حتى أؤدي له التحية، الوسطى والسبابة فوق حاجبي واقفة بشموخ تحية ومهابة له.
خرجت هذه الذكريات من طيات الذاكرة مثيرة الشجون والكثير من لحظات الطفولة العذبة حين قرأت عن تفاعل الكابتن سامي الجابر مدير الكرة بنادي الهلال وسفير النوايا الحسنة السابق مع فريق الكشافة السعودي أثناء فريضة الحج لهذا العام، حيث ارتدى منديلهم الأخضر وأدى الوعد.
لم يقتصر حضور جماعة الكشافة كنشاط مدرسي داخل أروقة المدارس بل تعداها لعمل شبابي جماعي وطني كبير أثبت حضوره وفاعليته في الكثير من المناسبات الوطنية كان آخرها وأكثرها فعالية في حج هذا العام. وقد حظيت الكشافة السعودية بتقدير دولي لما أسهمت به من مساعدات وجهود إنسانية في موسم الحج من خدمة الحجاج وتقديم كل المساعدات والتسهيلات لهم في جميع المشاعر المقدسة مما منحها الريادة العالمية من خلال أدائها لواجبها الذي يمليه عليها الواجب الوطني والديني والإنساني.
في عهد الملك المؤسس كانت انطلاقتها الأولى، وفي عام 1382هـ بعد تأسيسها كجمعية عربية سعودية بعام تم الاعتراف العربي والدولي بها في اليونان. وقد وصل عدد أفرادها الآن لما يقارب المائة ألف كشاف في المملكة منهم 3000 الذين تطوعوا للخدمة في موسم حج هذا العام.
(أنتم رسل سلام، وعليكم أن تنشروا هذه الفكرة).. أي مسؤولية وتكريم هذا الذي تحظى به جمعية الكشافة العربية السعودية من قبل خادم الحرمين الشريفين مليك هذه البلاد الذي شرف بهذه العبارة فرقة من الوفود الكشفية التي قابلها -حفظه الله- وقد تأمل فيهم الخير ونشر ثقافة السلام بين زوار هذه الديار المقدسة الذين يقصدونها من كل صوب.
إذاً.. الكشافة هي المشاركة الفعلية المبكرة في عالم الكبار، هي الاتحاد مع العالم الخارجي والإسهام مع الوزارات المختلفة في المملكة وتقديم التوعية المناسبة للجحاج أو غيرهم.
هي وعد وعهد... براعم نماهم حب الوطن والإخلاص له، وانتماؤهم لدينهم خير انتماء ليطلوا من نوافذ الحياة الواسعة مشاركين في بهجتها ورخائها وأمنها، يحسن قيادتهم وتعليمهم والإشراف على جمعيتهم مسؤولون أفاضل.
لأن الشباب نصف اليوم وكل المستقبل، فإن وعيهم بهذه الجمعية المهمة والمشاركة فيها ليعتبر أمراً غاية في الأهمية، يؤهلهم أن يكونوا جزءاً فعالاً من وطنهم وممثلاً مشرفاً عنه أمام الآخرين من الذين يقصدون هذه الديار المقدسة.
***
لعل أبلغ الكلمات هي الشعر.. وأجملها تلك التي يخاطب فيها شاعرنا عالم الطفولة.. من أفق الطفولة.. لفاروق بنجر أيضاً:
يا صديقي الصغير،
ستنمو مع الطير،
تنمو مع الزهر..
فاعرفْ بلادَكَ.
إن الذي لا بلادَ لعينيه
لا أرضَ يحرُثُها ويُضمَّخُها بالنَّدى والمطرْ
ماحِلٌ كالحجرْ!
هلْ ترى لك أرضاً تُعاطرها بالنَّدى؟..
فالذي لا بلادَ لعينيه
لا أرضَ يدفعُ عنها الأذى
قاحلٌ.. كالعراءْ..
maysoonabubaker@yahoo.com