لا يجليها لوقتها إلاّ الذي بيده الأمر..

وهذه مساجد البلاد كلّها كبيرها وصغيرها.., في المدن والأحياء تعجُّ بأصوات القانتين لله تعالى أن ينصر غزة ومن فيها.. أن يُلئم جراحهم، ويحيل الأرض تحتهم لأمان, والسماء فوقهم ستراً.. والنار من حولهم برداً وسلاماً كما جعلها برداً وسلاماً على إبراهيم... هذا هو وقت الدعاء فالمصائب دوافع ومحكات تذكير، وأيد تهزّ بقوة النائمين، توقظهم على كلمة واحدة: الله أكبر على الظالمين المعتدين، والله أكبر على الشتات، فاليقين يا رب املأ به قلوباً تلجأ إليك في فزعها، وثباتاً مكّن به أقداماً وجوانح في نصرة إخوانهم تتجه لبيوتك ولقبلتك تسألك أن تعزّهم ولا تخذلهم، وأن تنصرهم ولا تذهب ريحهم, وأن تعطهم ولا تحرمهم، وأن تطعمهم وتسقيهم فلا يجوعون أو يعطشون، وأن تحقن دماءهم وتهدر دماء أعدائهم، وتتقبّل شهداءهم, اللهم زلزل الأرض تحت اليهود واشعل فيهم نارك، وأنزل بهم عقابك، واشف صدور قومك الصامدين بجوار مسرى الأنبياء وقبلة المقدس,..

اللهم وهذه المآذن بطول بلاد الحرمين الشريفين، بصغارها وكبارها، بنسائها وأطفالها، بشبابها وشيبها، قد ملأت الأركان وصكّت المسامع وأدرَت الدموع، وحرّكت الخشوع وأناخت عند بابك، والتزمت بأعتابك أن ترفع عن إخوتنا في غزة وفلسطين هذا الكرب العظيم، فإنك العظيم القادر مَن بيده الكاف والنون، إذا قضيت أمراً قلت له {كُن فَيَكُونُ}.. فاستجب لها.., اللهم قد طال يوم عذابهم، فلا تمد في ليله, فإنا لا نستبطئ إجابتك، فاكشف الكرب عنهم وصدّ عدوّهم عنهم برحمتك التي وسعت كل شيء يا قادراً على كل شيء، اقض لهم بالنجاة والنصر، وأمدّهم بالعزيمة والأزر، وكن لهم المخرج من الفتنة بالنصر.. اللهم، هذا الدعاء العريض الذي تهتزّ به المنابر في بيوتك وعلى ألسنة عبيدك وإمائك.. لا تردّه ولا تصدّ عنه فأنت القريب فارأف بما في القلوب من الوجيب.. إنك السميع المجيب.. ربنا هذا الدعاء منا والإجابة منك فعجّل بالفرج وارفع عنهم الحرج، والطف بهم في هذه الشدّة والكرب فإنهم عبيدك وإماؤك، ماضٍ فيهم وفينا حكمك، عدلٌ فيهم وفينا قضاؤك، فاستجب لنا ما نسألك من أجلهم من النجاة والنصر, واجمع على الحق قلوبهم، ووحِّد للمسلمين صفوفهم وكلمتهم, وألهمنا جميعنا رشدنا، ولا تكلنا لأنفسنا, وارض عنا أجمعين يا رب كل شيء, ومليكه، اكشف الكرب، واغفر الذنب، فليس لهذا الكرب كاشفٌ إلاّ أنت, القادر على كل شيء. والحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم على نبيك وحبيبك وآله وصحبه أجمعين.

***

وردتني هذه الملاحظة عما تضمّنه موضوع أمس الأول السبت 13-1-1430هـ من قارئ كريم يقول : ((إنك على ما تشاء قدير) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إنّ هذه الجملة لا تجوز شرعاً لأنّ فيها تقييداً للقدرة بالمشيئة, كذلك توحي بمعنى فاسد وهو أنّ الله سبحانه لا يقدر إلاّ على ما يشاء، تعالى الله علواً كبيراً.

أخيّتي (الله على كل شيء قدير) وليس على (ما يشاء) فهذا خطأ في حقه سبحانه جل جلاله).

+++ آمل أن تعمّ الفائدة فيمن يقع في هذا الخطأ الشائع الذي وقعت فيه سائلة الله تعالى أن يغفر زلاّتنا ويتجاوز عن أخطائنا ما علمنا منها وما لم نعلم، جزيتم الخير والأجر.