القاهرة - مكتب الجزيرة - على البلهاسي - ياسين عبد العليم
للأسبوع الثالث على التوالي تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك رغم صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، وهو القرار الذي قوبل بتأييد وإجماع عربي ودولي وبرفض من جانب طرفي الصراع (إسرائيل وحماس)، الأمر الذي أفرغه من مضمونه وجعله حتى الآن مجرد حبر على ورق يحتاج إلى تطبيق فعلي على الأرض. ولعل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة بعد صدور قرار مجلس الأمن يثير الكثير من التساؤلات حول موقف المجتمع الدولي من عدم التزام إسرائيل به ومدى إمكانية اللجوء للقوة لتنفيذه، وهل يمكن أن يكون مصير هذا القرار هو الفشل؟ وما هو البديل له لتحقيق التهدئة وحقن دماء الفلسطينيين في غزة؟.
بداية أشاد السفير محمد بسيوني سفير مصر السابق في اسرائيل ورئيس لجنة الشئون العربية في مجلس الشورى المصري بالدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في مساعدة الفلسطينيين على تجاوز المأساة الراهنة في غزة وقيادتها الوفد الوزاري العربي في مجلس الأمن لإصدار قرار يقضي بوقف إطلاق النار وحقن الدم الفلسطيني إضافة إلى دورها الرائد في التشاور مع دول المنطقة وخاصة مصر لإيجاد حل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري.
وأكد أن اسرائيل لن تطبق أي قرار صادر عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن إلا إذا كان يخدم مصالحها فقط. كما أن إسرائيل لن تنسحب من قطاع غزة إلا إذا حققت الأهداف التي من أجلها شنت عملياتها العسكرية المتوحشة وهي إيقاف صواريخ المقاومة وخلق نوع من الضمانات بإيقاف هذه الصواريخ وعدم تهريب الأسلحة إلى داخل القطاع وأن قوة حماس لا تتصاعد.
وأضاف بسيوني أن قرار مجلس الأمن لم يصدر طبقاً للبند السابع وهو البند الذي يلزم الطرفين بتطبيق القرار وإلا استخدم المجلس القوة لتطبيقه مشيرا ً إلى أن الأهم الآن هو ماذا بعد قرار مجلس الأمن وقال: أعتقد أن المبادرة المصرية التي أطلقها الرئيس حسني مبارك هي الحل في الوقت الحالي.
ويرى الدكتور عبد الله الأشعل خبير القانون الدولي أن تطبيق قرار مجلس الأمن يواجه العديد من الصعوبات وأولها عدم قبول طرفي الصراع به سواء كانت إسرائيل أو حماس، مشيراً إلى أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار يعتبر رسالة واضحة لإسرائيل بأن أمريكا تترك لها حرية الاختيار بين القبول به وقتما وكيفما شاءت أو عدم القبول به، مشيراً إلى ان ردود الفعل الإسرائيلية على القرار تضمنت فهماً لهذه الرسالة الامريكية، فقد واصلت إسرائيل عدوانها وأعلنت أنها ستواصل عملياتها في قطاع غزة، على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن مشيرة إلى أنها لن تقبل في يوم من الأيام أن تقرر جهة خارجية منعها من ممارسة حقها في الدفاع عن مواطنيها حسبما تزعم. واستبعد الأشعل ان يقوم المجتمع الدولي باستخدام القوة لإجبار إسرائيل على تنفيذ القرار مشيراً إلى ان امريكا تضمن لإسرائيل الحماية ضد أي تدخل دولي، وستسعى إسرائيل في حالة قبولها بالقرار إلى إفراغه من مضمونه.
وأكد الأشعل أن كلمة وقف إطلاق النار التي وردت في القرار فيها تسوية بين الضحية والجلاد، فنحن نعلم أن هناك عملية نادرة في تاريخ العلاقات الدولية وهي أن دولة كاملة التسليح تقوم الآن بعملية إبادة كاملة لشعب أعزل على مرأى من العالم كله. وأكد الأشعل أن صدور القرار بصيغة عامة دون تحديد لآليات تنفيذه يؤكد أن المجتمع الدولي ليست لديه الرغبة لفرض شروط على الجانب الإسرائيلي، وان تطبيق القرار مرهون بحدوث اتفاق بين الأطراف الأساسية في الصراع ومن بينها مصر التي يعنيها القرار بالدرجة الاولى خاصة فيما يتعلق بموضوع نشر قوات دولية لمراقبة إلتزام الطرفين بوقف إطلاق النار وهو ما يمثل مسالة أمن قومي بالنسبة لمصر، ولذلك تقوم مصر بمباحثات مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للوصول إلى صيغة توافقية لتنفيذ قرار مجلس الامن والذي تمثل المبادرة المصرية آلية فعلية لتنفيذه.
ويرى الدكتور إبراهيم نوار أستاذ القانون الدولي أن قرار مجلس الأمن رقم 1860 يواجه مأزقاً حقيقاً الآن خاصة وأن الطرفين الفلسطيني (حماس) أكدت أنها غير معنية بالقرار أما الطرف الإسرائيلي فهو يرفض تماماً تطبيق القرار والمجال الآن مفتوح على مصراعيه خلال الأيام القادمة ولا نعرف ماذا سيحدث بالتحديد فإسرائيل تريد القضاء على القدرة العسكرية لحماس وإيقاف صواريخها وتطلب دخول قوات دولية فاصلة بينها وبين القطاع تراقب وقف إطلاق النار وعدم إطلاق الصواريخ أما حماس فتتمسك بإنسحاب القوات الإسرائيلية دون قيد أو شرط والواضح أن الطرفين غير متفقين وغير راغبين في تنفيذ القرار والذي يدفع الثمن هو الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن القرار صادر عن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وهو غير ملزم للطرفين بإيقاف إطلاق النار ولا يعطي آلية محددة لإيقاف القتال، كما لو كان صادراً عن البند السابع الذي يتيح استخدام القوة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن مشيراً إلى أن القرار الحالي يتوقف تطبيقه على قبول الطرفين به وهو ما لم يحدث حتى الآن. وأضاف أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار يدل على عدم تحمسها للقرار وأنها لن تساعد على تطبيقه ولن تمارس ضغوطها القوية على إسرائيل للالتزام به.
وطالب بمزيد من الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى صيغة توافقية يتم من خلالها تطبيق القرار الذي يقضى بإيقاف إطلاق النار وحقن الدم الفلسطيني مؤكداً أن أول ما يطالب به هو وحدة الصف الفلسطيني ونبذ الخلافات مشيراً إلى أن انقسام الصف الفلسطيني واضح بشكل كبير في رد الفعل تجاه القرار ففي حين تؤكد حماس أنها غير معنية بالقرار يتمسك أبو مازن بتطبيقه. وثاني المطالب هو إيقاف حماس لصواريخها لأن ذلك - حسب تعبيره - سوف يخلق نوعا من الضغط الدولي تجاه إسرائيل وينهى الذريعة التي شنت من خلالها إسرائيل عدوانها على غزة، كما أنه طالب المقاومة بالالتزام بالدفاع على الأرض فقط عن غزة.