ما يجري في غزة هذه الأيام، سواء على الصعيد الإنساني من قتل وتشريد واغتيال سافر ومتعمد أو على المستوى السياسي من انحياز غربي لإسرائيل وتفهم لمزاعم تل أبيب من قبل الكتلة الغربية والأمريكية لقتل الأبرياء، والمعركة الدبلوماسية الأخيرة في مجلس الأمن التي أدارها الجانب العربي بقيادة الأمير سعود الفيصل، وانجلى غبارها عن صدور القرار 1860، كل هذه الأحداث تعتبر عنواناً عريضاً يشرح ويوضح واقع العالم العربي، سواء وقت السلم أو الحرب، في الأزمات أو في الانتكاسات؛ فالعرب، وفي دائرة التحالفات العالمية الكبيرة، لم يعد لهم من يركنون إليه في الملمات كما يحصل مع إسرائيل وهرولتها إلى أمريكا، واعتمادها على رزمة من التحالفات واللوبيات التي توظفها متى شاءت ولما شاءت؛ فما حصل في أروقة مجلس الأمن من تراجع أمريكي عن التصويت على القرار بعد الوعود بالوقوف معه، وما جرى قبل ذلك في الموقف الفرنسي الذي أظهر فروسية الجانب العربي في الرد عليه وإيقافه مع غيره من المماطلات.. كل ذلك يوضح أن هذه الأمة متى ما اجتمعت امتلكت القوة، ومتى ما تشتتت وتضاربت أهواؤها نال منها الضعيف البعيد قبل القوي القريب.

العرب مع وجود الجهود المخلصة لديهم فإن ظهرانيهم لا تخلو من المزايدين الذين يحبطون كل جهد يبذل؛ لأجل أهداف وقضايا ضيقة، وتعتريهم صفات الارتجال والغوغائية، ويكون لهم كل الهوى في ممارسة الخطابات والدعايات الموجهة إلى العوام، والتي تهدف إلى جني الأرباح الشخصية، وخدمة أجندات إقليمية، وهذا أحد الإشكالات التي تعانيها أمة العرب, والتي - للأسف الشديد - أضحت أزمة تضاف إلى الأزمات حين وقوعها؛ فتزيد من تفاقمها وتعقيد حلولها، وما حدث في يوميات غزة الماضية خير دليل على ذلك.

***