يقول الخبر: (رفض الاتحاد الدولي لرياضة السيارات (فيا) انضمام رالي حائل الدولي إلى روزنامة بطولة العالم لراليات (الباها) كما كان مقرراً، نظراً لرفض منظمين مشاركة النساء المتسابقات الدوليات في السباق، الأمر الذي تعارض مع أنظمة الاتحاد الدولي).
وكانت اللجنة الأولمبية العالمية قد أنذرت المملكة بأن حرمان المرأة السعودية من المشاركات الرياضية يعني منع المملكة من مسابقات الأولمبياد، وحددت عام 2010م موعداً أقصى للتماهي مع هذه المتطلبات!
الذي يهمني من الخبر (جزئية) أن حرمان المرأة، وإقصاءها عن النشاطات (الحياتية) المختلفة يعني بالضرورة أننا نسعى بخطوات حثيثة إلى (العزلة) عن العالم، تماماً كما كانت (المقبورة) طالبان. والعزلة تعني بكل تأكيد خسائر على كل المستويات.
أعرف أن كثيراً من البسطاء، والمكابرين، من أولئك الذين لا تتجاوز رؤيتهم أطراف أنوفهم، لا يكترثون بمثل ذلك، إما لأنهم يجهلون تبعات (العزلة) على المستوى السياسي والاقتصادي، وإما أنهم من أولئك (المتطرفين) الذين كانوا ينادون بالانسحاب من كل المحافل الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، انطلاقاً من كونها منظمات (تحكم بما لم ينزل الله)، وأن أنظمتها تمنع (جهاد الطلب) أو (الغزو) الذي هو جزء من الدين. مجاملة مثل هؤلاء، فضلاً عن الرضوخ والانسياق إلى ضغوطاتهم، يعني أننا نؤجل المواجهة مع هذا الفكر ليكبر و(يتغول)، لتكون مواجهته مستقبلاً أعلى ثمنا من مواجهته اليوم، تماماً كحكاية كرة الثلج المتدحرجة من أعلى التل، يزيد حجمها مع مرور الوقت.
ومن يقرأ تاريخنا مع مثل هذه الممانعات يخلص إلى أن المواجهة، وفرض الأمر بسلطة الدولة، طلباً للمصلحة (العليا) للبلاد، قد يثير بعض (المتشددين) هنا وهناك في البداية، إلا أن التاريخ علمنا - أيضاً - أن مثل هذه الممانعات تحتاج إلى نوع من أنواع العزم والحسم والحزم، ولن يلبث الناس، وأولهم الممانعون، إلا أن يتعودوا على الأمر عندما يصبح واقعاً.
ولن أسوق مثالاً بعيداً، وإنما أريدكم فقط أن تعودوا إلى الضوضاء والجلبة التي أثارها البعض بعد أن اتخذت الدولة قرار (دمج) التعليم النسائي بالتعليم الذكوري، تحت مظلة وزارة التربية والتعليم؛ نتذكرها الآن، فلا نجد منها إلا مجرد تاريخ (مجموعة) قالت ذات يوم: (لا)، ولم يترتب على هذه (اللاء) بعد ذلك ما يثير انتباه المراقب. كذلك قرار توسعة المسعى، الذي كان فيه الممانعون أعلى صوتاً وجلبة، وجاء حج هذا العام، ومر بسلام وسلاسة ويسر وهدوء كما لم يمر في الأعوام السابقة، وانتقلت كل ممانعة أولئك من الجغرافيا إلى التاريخ، لا قيمة لها على أرض الواقع.
والإنسان الحصيف لا يؤجل المبادرة إلى أن تفرض عليه، بل يقرأ المستقبل، ويتلمس (اتجاهاته)، ويحاول أن يتماهى معها، ويعد العدة لها، قبل أن تصل رياحها إليه.
والعالم اليوم تتقارب أجزاؤه بسرعة لم يعهدها من قبل. ذريعة (الخصوصية) فبركة لفظية لا قيمة لها في عالم اليوم، وأن تبقى المرأة في بلادنا كما هي عليه الآن أمر هو الآخر بالمختصر المفيد (مستحيل). هذه هي الحقيقة التي قد تكون في مذاق البعض أمر من العلقم، غير أن ذلك لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً. إلى اللقاء