أربعون عاماً مضى (وقد) بكيت لأول مرة لما رأيت جمال (مهاه الصحاري) مزنّرة بالورود وتقفز نحو مستقبلها الذهبي البهي، إلى الفجر تمضي، وينبت في كل قفزاتها وردةً، وردةً وهي ترنو إلى آخر الأفق إلى أن يوقفها البحر أو المستحيل!!
بكيت لطغيا الفرح البدوي إذ كيف تؤسس هذه الغزالة مؤئلاً, أو واحة للعرب، في جفاف صحراواتهم القاحلة؟؛ واحة يتفيأ في ظلها رجل عربي فقير ثم يخبط (بالخيزرانة) ثم يقول سوف أؤسس في هذه البيد أجمل الدول التي لا تضاهى لأجل فقراء شعبي ولكل الفقراء العرب.
* * *
أي حلم رهيب كان يحققه ذلك الرجل العربي الذي كان (حينما مرّ به الرحالة فيليبي وقال إنه يقبع في واحة البريمي ولكنه (يفكر في أمور ما) غير مهارته في القنص، كان زايد بن سلطان، يفكر في إقامة (حضارة عربية) فوق الرمال (!!) هذا الذي لم يفكر به فيليبي على الإطلاق ولكنه (ظن) مضمراً لا أكثر من ذلك مثلما يفكر به (المستعربون) الذين يخطئون أو يصيبون ولكن (زايد) الذي رآه فيليبي في (صحراء العرب)، هو الذي انطلق من تلك الواحة الصغيرة ليؤسس هذا (الاتحاد العظيم) الذي لم يسبقه إليه إلاّ عبدالعزيز بن عبدالرحمن موحد الجزيرة العربية.
* * *
واليوم وأنا أرى هذا الكيان الوحدوي البهي الذي أسسه زايد بن سلطان - يرحمه الله - وفوق هذه (الرمال) التي يراها بعض المثقفين العرب الحاقدين أو الجاهلين (أنه لن تقوم حضارة فوق الرمال)!!.
كما قال ذلك (سعدي يوسف مثلاً.. بأنه لن تقوم حضارة على ضفاف الخليج) ولكنها قد تقوم على شاطئ المتوسط في (موريتانيا) مثلاً (!!) وذلك حصراً ويا للأسف الشديد (!!) وبعد أن حصل على جائزة (سلطان العويس من الإمارات لا غيرها).
يبقى القول أخيراً أن محمد بن زايد ومن خلال رعايته الحميمية للثقافة العربية ومشاريعه الإبداعية الهائلة. ومن خلال ما سمعته عنه من أقرب الأصدقاء المثقفين فإنني أقول (وبلا مواربة) أو نفاق بأنه إذا كان زايد حكيم العرب الذي (لن يتكرر) وهو الباني العظيم للنهضة الإماراتية الهائلة فإن نجله الوفي (محمد) هو الذي أكمل بناء النهضة العربية القادمة.