القاهرة - مكتب «الجزيرة» - علي فراج
أكد خبراء عسكريون أن العملية البرية التي تقوم بها اسرائيل في غزة، هدفها تدمير البنية التحتية لحركة حماس وإثارة الرعب والتدمير في القطاع لتغيير الوضع السياسي في غزة، وأوضح الخبراء أن سيناريو إعادة الإحتلال غير وارد مرة أخرى لأنه مكلف للجيش الإسرائيلي ويضع جنوده في مرمى رصاص المقاومة بمختلف أطيافها، واستبعد الخبراء نجاح الجيش الإسرائيلي في تدمير المقاومة أو القضاء عليها.
بداية أكد اللواء جمال مظلوم مستشار مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية أنه لا يوجد وجه مقارنة بين الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من أمريكا والقوة المتواضعة لحماس وكافة فصائل المقاومة في قطاع غزة، ويرى مظلوم أن الاختباء في الخنادق والأماكن الآمنة هو الحل المؤقت لتلافي أكبر عدد ممكن من الخسائر لصدِّ هذه الهجمة الإسرائيلية البشعة وأشار مظلوم إلى أنه رغم تأليب الرأي العام العالمى ضد اسرائيل إلا أنها ستواصل الردع بالضغط على حماس عبر استهداف أكبر عدد من المدنيين لزعزعة ثقة الشعب الفلسطينى فى الحركة، وإظهارها بمظهر عدم القادر على حمايته من العدوان وعمل تغيير فى جغرافيا قطاع غزة وإفراغها من أى ملامح لحماس أو مؤسساتها.
لكن الدكتورمحمد عبد السلام الخبير الاستراتيجي يرى أن ما يحدث ليس عملية محدودة، بل هي بأنها حرب عسكرية واسعة غير متكافئة لكن الانتصار الحاسم غير وارد في نتائجها. وتوقع عبد السلام أن يطول مدى الحرب خاصة أن كل المظاهر الإسرائيلية توحي بذلك من حشد للقوات البرية واستدعاء الاحتياط، وتوسيع الأهداف واجتياح غزة على عدة محاور فضلا عن التدمير غير المسبوق بسبب عدد القاذفات التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلية بشكل كبير جدا وأشار عبد السلام إلى أن رد حماس وبقية المقاومة لن يعدو أكثر من الرد التقليدي المعتاد والمتمثل في الضرب المكثف للصواريخ على إسرائيل، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من العمليات الفدائية التي تحاول بها إلحاق الخسائر في الجانب الإسرائيلي، إلا أن حجم الخسائر سيبقى متفاوتا وغير متعادل في المقابل.
وقال عبد السلام: إن رد فعل حماس في الفترة القادمة سيحدد مجرى الأمور، فإذا التزمت حماس بدعوة مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، ولم تقم برد عنيف فسيظهر هذا تأثرها بما حدث وستنهار حتما وربما تشهد انقسامات داخلية في صفوفها. وأضاف أن الأمر بالنسبة لحماس يختلف عما كان في حالة الحرب مع حزب الله في لبنان، حيث كانت الحدود مفتوحة وبالتالي يمكن إمداد حزب الله بالسلاح، وهو ما لا يمكن حدوثه مع حماس، التي لن تشهد دعما إلا في حدود التحركات الفردية المتمثلة في التطوع لا أكثر، وهو ما لا يؤثر على التوازن المختل بين الطرفين، أما إسرائيل فستلتزم بوقف إطلاق النار ولكن بعد أن تصيب أهدافها وتحقق غايتها بالكامل، وفي مثل هذه الحالات دائما يترك الوقت لإسرائيل ثم يتم الضغط عليها فيما بعد.
قال اللواء طلعت مسلم الخبير الإستراتيجي: إن هناك العديد من الوسائل التي تمكِّن حماس وفصائل المقاومة من صد العدوان الإسرائيلي وأول هذه الوسائل يتمثَّل في وجود الخنادق وأماكن الاختباء التي يستطيع المقاومون أن يلجأوا إليها في هذه الظروف ودعا مسلم إلى الضرب على الطيران المنخفض بالأسلحة الخفيفة؛ مما يضطر الطائرات المعادية إلى الابتعاد عن التحليق المنخفض لأطول فترة ممكنة، مؤكدًا أنه على فصائل المقاومة أن تزيد من عمليات إطلاق الصواريخ؛ لإشعار إسرائيل أن هذه المذبحة وهذه العملية العسكرية الواسعة لن تستطيع إيقاف الصواريخ الفلسطينية، مشيرًا إلى وجوب عمليات انتشار واسعة للمقاومين في أكبر منطقة جغرافية متاحة.
فيما أكد الخبير العسكرى اللواء يسرى قنديل، أن استراتيجية حماس القادمة، ستركز على الصمود لآخر لحظة مع حشد إعلام دولى يصور الضحايا، ويبين وحشية العدوان الإسرائيلى لكسب أرضية وتعاطفا دوليا خاصة فى مجلس الأمن والاتحاد الأوروبى، بينما تظل حماس تطلق صواريخ جراد للضغط على السياسيين الإسرائيليين.
وأوضح اللواء عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية أفضل حل أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة هو اللجوء إلى وسائل (الدفاع السلبي)؛ المتمثلة في الاحتماء ببعض السواتر والأماكن الآمنة حتى تستطيع المقاومة الخروج بأقل قدر من الخسائر؛ إثْر عملية الاجتياح الواسعة لقطاع غزة وتوقع الا يطول زمن الإجتياح البرى لغزة كما استبعد سليمان إعادة احتلال قطاع غزة مجددا أو قيام اسرائيل بمغامرة الدخول في حرب شوارع مع الفلسطينين لأنها ستكون الخاسر في المعركة.
وأوضح اللواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية أن إسرائيل لن تقوم بعملية اقتحام برية واسعة؛ لأنها لا تريد القضاء على حماس، وإنما تريد أن تظهرها أمام الشعب على أنها المتسبِّبة في عمليات القتل التي طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، كما أنها لا تريد الدخول في حرب شوارع مع المقاومة وأضاف بلال أن المقاومة عليها الآن أن تقوم باصطياد بعض المركبات المدرَّعة الاسرائيلية والقيام بأعمال القرصنة بقدر الاستطاعة.