في الوقت الذي يعاني فيه العالم العربي من خلافات حادة وانقسامات مريرة باتت تهدد واقعه ومستقبله بشكل كبير، في ظل هذا الواقع المحبط تأبى إلا أن تظهر بين فترة وأخرى بعض الأصوات الإعلامية العربية النشاز التي تحاول لأغراض غريبة زيادة رقعة الخلاف العربي وذلك بتنبيههم لبعض القضايا الشخصية لبعض مواطنيهم والمنظورة أمام القضاء العربي في دولة عربية أخرى ومن ثم محاولة تضخيم هذه الوقائع والأحداث وتأويلها بشكل غير حقيقي بهدف إثارة الجماهير والرأي العام العربي إما محاولة لتصفية حسابات قديمة مع هذه الدولة أو تلك، وإما أنه محاولة ابتزاز مكشوفة مع هذه الجهة أو تلك.
في الأخير هو تغليب لمصالح أنانية خاصة على حساب مصالح الأمة العربية العليا، وفي سياق ذلك لا تتردد بعض الفضائيات العربية في تبني مثل هذه الممارسات التي أقل ما يقال فيها إنها ممارسات تخلو من الإحساس بالمسؤولية والوطنية.
ففي سبيل تحقيق مصالح ضيقة لدى هذه الفضائيات عبر زيادة حجم المشاهدة الجماهيرية لبرامجها لا تتردد هذه القنوات في المزايدة على القضايا العربية الكبرى ضاربة عرض الحائط بكل الاعتبارات الأخلاقية ممارسات غريبة لإعلام عربي غريب قل أن تجد له مثيلاً في العالم، حيث يتلاعب بشكل خطير بالمشاعر الشعبية وكذلك وهو الأهم يتلاعب بالقضايا الكبرى للعرب.
في معظم دول العالم المتقدم تجد أن الأنظمة تضع خطوطاً حمراء وثوابت لا يمكن المساس بها أو حتى الاقتراب منها تحت أي ذريعة ومن يتجاوز ذلك يعرض نفسه للمساءلة وقد يقع تحت طائلة القانون والعقوبات.
أما في العالم العربي الذي يعاني أصلاً من خلافات دائمة بين دوله بل وقد يمتد الخلاف حتى بين أبناء الوطن الواحد ومع أهمية الإعلام في التصدي لمواجهة مثل هذه الأعمال اللامسؤولة والتي تمثل عوامل اختراق قد تهدد الأمن العرب نتأكد معه أهمية الإعلام في التنبيه على مخاطر الانقسام والتشرذم إلا أن بعض المحسوبين على هذا الإعلام العربي لا يزالون يستمرؤون ممارسة هواية الاصطياد في المياه العكرة بشكل يشير الكثير من التساؤلات عن دوافعهم.. ما هي أهدافهم؟ ولمصلحة من يعملون؟ وما هي المصالح التي يعملون من أجلها وفي سبيلها يضربون عرض الحائط بمصالح الأمة العربية.
في ظل هذا الواقع الإعلامي المتردي يحق لنا أن نتساءل عن عدم تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي ولماذا لا يطبق على أرض الواقع ويكفل لهذه الأمة الحد الأدنى من المسؤولية والانضباط، وإن كنا في حقيقة الأمر نرى أن مشكلة العالم العربي لا تتمثل في كم القرارات والأنظمة التي تصدر ولكن المشكلة تتمثل في عدم تنفيذ هذه الأنظمة، وإزاء هذه النغمة النشاز التي تطل على العالم العربي بين الفينة والأخرى نتساءل: كيف يمكن لنا أن نعيد هذه الأصوات الخارجة عن النصّ إلى جادة الصواب؟.
* مستشار إعلامي
malmadi777@hotmail.com