ليس مستغرباً من إسرائيل أن ترتكب كل هذه الجرائم في حربها على أهل غزة، فقد اعتاد الفلسطينيون والعرب جميعاً بل حتى المجتمع الدولي من إسرائيل أن تحمل معها حزمة كبيرة ومتعددة من جرائمها حينما تستهدف بلداً عربياً في حروبها العدوانية التي أصبحت عادة سنوية، يفرغ من خلالها ساستها وجنرالاتها عقدهم النفسية والتراكمات التي أصبحت جزءاً من التركيبة الإسرائيلية، إلا أن الذي أثار استهجان واستغراب أصدقاء إسرائيل وأعدائها على حد سواء هو هذا الاستهداف المفرط لأطفال أهل غزة فمن بين أكثر من600 شهيد هناك أكثر من 140 طفل شهيد ونصف المصابين من الجرحى الذين تجاوزوا 3000 مصاب نصفهم من الأطفال، وكأن إسرائيل تتعمد تدمير أو القضاء على التركيبة الإنسانية والسكانية لأهل غزة، إذ إن الإسرائيليين يعرفون مثلما يعرف الجميع أن نصف سكان غزة هم دون العشرين سنة وأغلب هذه الشريحة السكانية لم يصلوا حتى إلى عمر العشر سنوات واستهدافهم بالقتل المتعمد من قبل المجرمين الإسرائيليين هدفه حرمان الشعب الفلسطيني من أبنائه والقضاء على البنية الأساسية للمجتمع الغزاوي؛ كون أي مجتمع يعتمد في نموه وتطوره على بذوره اليافعة الذين هم الأطفال ليثمروا ويشاركوا في بناء وتطوير الوطن عندما يصبحون رجالاً.
إسرائيل بساستها وجنرالاتها الذين امتهنوا الحرب لتصدير شرورهم إلى من اغتصبوا أرضهم يعرفون كم هو الرجل الفلسطيني صعب في وقت النزال وصامد لا يتزحزح في موقفه حتى يستعيد أرضه وهم باستهدافهم للأطفال يسعون لإبادة الرجولة في فلسطين باستباق هذه المرحلة من خلال القضاء على الأطفال دون الالتفات إلى براءتهم التي حركت الضمير الإنساني أخيراً، فبدأ المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها وجرائمها المركبة على أهل غزة.