المعاناة التي يعيشها الصف الأول من الإداريين في الحياة العملية، هي معاناة شديدة، لا تعود إلى الجمود الإداري، ولا إلى الروتين القاتل فحسب، لكنه يمتد إلى مناح كثيرة تقفز في مقدمتها علاقة هذا الإداري بالصف الثاني من الموظفين في مكتبه أو إدارته.
كل إدارة مسؤول يتصور أن عليه أن يضع رؤوس الأقلام للخطابات، والعناوين للقاءات، والعناصر للمحاضرات والندوات، والبدايات لكل ما يريده من الأفكار والموضوعات قبل تحريرها كاملة على الورق.
هذا الإداري في معظم الأحيان يجد نفسه في معمعة كل شيء في الصياغة والكتابة والمراجعة، وقبل ذلك كله في وضع الأسس والأفكار، إلى الحد الذي يتساءل عنده.. ما الفائدة إذاً من هذا الصف الثاني في إدارته؟!
يقف الموظف أو الموظفة في السكرتارية عاجزين في الغالب عن كتابة سطرين اثنين، وعن جمع رقمين صحيحين، وحين يعتب عليهم المدير أو يغضب، يقفون أمامه في هيئات تقطع القلب.. إلى أين يذهب هؤلاء لو غادروا مكانهم هذا؟ فيدير المدير ظهره وقد يصرخ للتنفيس عما اعتراه من ضيق، لكنه بهذا سوف يصبح في نظر هؤلاء (عصبياً) لا يطاق!
نعم للسعودة في الوظائف.. نعم لإدراج أبناء الوطن في قائمة ميادين العمل للوطن.. لكن لابد مما ليس منه بد.. فالوطن الذي ينتظر أبناءه ليخدموه، سيجد الكثير منهم عالة عليه.
لابد من إعادة النظر في مواصفات.. ومقاييس السعودة، بحيث لا تكون (العصبية) وحدها مبرر هذا العمل الوطني.
فلابد من التأهيل المسبق لكل متقدم إلى العمل، ولابد لوزارة التربية والتعليم أن تقف وقفة.. صادقة.. أمينة مخلصة.. مع ذاتها لترى إن كان ما تنتجه من العقول والأقلام قادراً على ملء الشواغر التي كانت قبل ذلك مملؤة بالكفاءات حتى وإن كانت عربية.
على وزارة التربية والتعليم أن تنظر بعين مبصرة إلى المشهد التعليمي، لتتأكد من أن خريجي المدارس الثانوية يتقنون القراءة والكتابة.. على الأقل.. وتاليتها؟!!