على الرغم من استمرار تفاقم النتائج السلبية من الأزمة المالية في شتى جوانب الصناعة المصرفية، يبدو أن عدداً قليلاً فقط من المؤسسات المالية يخطط لإحداث تغييرات جوهرية في هياكل إدارة المخاطر.
وقد صدرت هذه الدعوة عن (كي بي إم جي الدولية) في سياق كشفها عن ما توصلت إليه من نتائج من خلال بحثها الجديد في الإخفاقات الظاهرة حذرت دراسة أجرتها (كي بي إم جي الدولية) من إغفال المصارف لمواكبة المخاطر الناجمة من الأزمة المالية الحالية، وشددت على ضرورة تفعيل إدارة المخاطر التي يلزم وجودها في الصناعة المصرفية الحالية.
وأوضحت الدراسة أن بعض الشكوك تساور البنوك التي أخضعت للدراسة بأن الافتقار إلى النظام لدى أقسام إدارة المخاطر كان عاملاً مؤثراً في حدوث الأزمة الائتمانية. ومع ذلك، فقد بدت تلك البنوك أقل صراحةً في إبداء مرئياتها حول ماهية القرارات التي يلزم اتخاذها، حيث إن هناك ما يزيد قليلاً عن أربعة من كل عشرة بنوك خضعت للدراسة عازمة على إلزام إداراتها بنوع من التغييرات الجوهرية التي تتطلبها أزمة بهذا الحجم من الخطورة.
وتُظهر دراسة أجرتها (اكونوميست انتيليجنس يونيت) أن 90 بالمائة من أصل 400 مدير مصرفي، قد أعادوا النظر، أو يخططون لإعادة النظر، في أسلوبهم المتبع في إدارة المخاطر، إلا أن 42 بالمائة فقط ممن استجابوا لهذه الدراسة أجروا، أو يخططون لإجراء، تغييرات جوهرية في أساليبهم لإدارة المخاطر.
وتؤكد الدراسة أنّ هناك الجانب الإيجابي في هذا الشأن، هو الاعتراف بجذور المشكلة.
غير أن الكثيرين استسهلوا إلقاء اللوم على ثقافة السعي إلى المكاسب الزائدة في وقت سادت فيه سياسات سهولة الائتمان وتحصيل المقابل، الأمر الذي لا يشجع على المكاسب طويلة الأجل، وكانت تلك السياسات، بشكل أو بآخر، مغرية وجاذبة، وكانت بالقطع من أهم عوامل الأزمة، التي يكمن إصلاحها ضمن مهام إدارة المخاطر حتى لا تتهددنا تلك المخاطر مجدداً.
ويشير البحث الذي أعدته (كي بي إم جي) إلى عدة جوانب بحاجة إلى التغيير منها: الافتقار إلى الدراية في إدارة المخاطر على مستوى الهيئات المسؤولة، والاتصال بين وحدة إدارة المخاطر وباقي المنشأة، وافتقار وحدة المخاطر نسبياً للقدرة على إحداث الأثر اللازم.
وثالث تلك النقاط يمكن إدراكها مباشرة في ظل حقيقة أن 76 بالمائة من المؤسسات المالية التي خضعت للدراسة تعتقد أن إدارة المخاطر توصف باعتبارها مجرد وحدة دعم. وعلى أي حال، فإن سبعة من كل عشرة ممن خضعوا للبحث يعتقدون أن أقسام إدارة المخاطر لها الآن تأثير أكثر مما كانت عليه منذ عامين، ويعتقدون كذلك أن الطريقة التي يديرون بها المخاطر تشكل ميزة تنافسية. وإضافة إلى ذلك، فإن العديد ممن تجاوبوا مع البحث يعتقدون أن كبار مسؤولي إدارة المخاطر يتمتعون الآن بسلطات أوسع في جوانب رئيسة، مثل تطوير الاستراتيجيات وتخصيص رؤوس الأموال.
وتعقيباً على نتائج البحث أكد الأستاذ عبدالله حمد الفوزان الشريك الرئيس ل (كي بي إم جي الفوزان والسدحان): (أنه يجب أن تكون إدارة المخاطر أحد أهم أولويات المؤسسات المالية في المرحلة المقبلة كونها من أهم دعائم نجاح برامج الإصلاح الاقتصادي من خلال تحديدها للمخاطر التي قد تؤثر بشكل كبير على قدراتها في تحقيق الأهداف الإستراتيجية لها). مؤكداً التطلع إلى تحسين مستويات الأحكام والتقديرات. معتبراً اقتحام المشكلة وإن صاحبها بعض المعاناة، وغرس قدر أكبر من النظام في عملية إدارة المخاطر سيكون خطوة أولى جيدة.
وأوضح الفوزان: (أن هناك العديد من التساؤلات حول مدى قدرة اقتصاديات المنطقة على مواصلة مسار نموها في ظل الأزمة المالية العالمية)، ملمحاً أن الأحكام القاصرة هي التي أتت إلينا بهذه الأزمة بسبب التركيز الزائد على المكاسب قصيرة الأجل وعدم إعمال مبادئ التحوط والشك المنهجي الصحي.
لافتاً النظر إلى أن التغيير يستوجب أيضاً موظفين يتفهمون ماهية مخاطر التنظيم، فالبنية الحديثة لإدارة المخاطر يجب أن تقوم على ثلاثة خطوط دفاعية: العاملين في وحدة العمل، ووحدة إدارة المخاطر، وبعد ذلك التدقيق الداخلي.