تعطلت سيارتي فذهبت بها إلى صناعية أم الحمام حيث يقف العاملون في الورش منادين لكل داخل وكأنهم حلاقي الحرم في الأيام الخوالي في منظر لا حضاري، وقفت أمام أحدهم وحدد العطل وبحسب علمي أنه يحتاج لتبديل لقطعة غيار لا تحتاج لأكثر من عشرة دقائق إلا أنه طلب مني ترك السيارة بعد إحضار قطعة الغيار إضافة لمبلغ 300 أجور إصلاح، وهو ما حدا بي للانتقال إلى أكثر من ورشة دون جدوى، وللأمانة أقول وكأني أمام مئات من العمالة الوافدة التي لا ترى بي وبأمثالي إلا ضحية مملوءة جيوبها بالمال.
أصلحت السيارة بمبلغ 200 ريال في وقت لما يتجاوز الدقائق وخرجت بها لكنها تعطلت بعد ثلاثة أيام لنفس السبب فأرجعتها لنفس الورشة حيث اتضح لي أن سوء الإصلاح لضعف الخبرة والمهارة كان السبب الأساسي في عطل السيارة مرة أخرى، وليت الميكانيكي اعترف بل أنكر وطالب بأجور أخرى للإصلاح وهو ما جعلني أرغمه على الإصلاح معبراً عن سخطي من هذه الأخلاق الدنيئة التي تعتبر النصب من المهارات لا من المحرمات.
خرجت وأنا أراجع نفسي قائلاً: أين مخرجات معاهد التعليم الفني والتدريب المهني؟ لم أر سعودياً واحداً في هذه السوق التي يحقق من ورائها الوافدون الإيرادات الكبيرة ويواصلون النهار بالليل عملاً للمزيد من الإيرادات، حيث تغلق صناعية أم الحمام كما علمت العاشرة ليلاً، بينما يشتكي شبابنا من البطالة ومن الرواتب الضعيفة كما هو حال رواتب الحراسات الأمنية حيث يتكدس السعوديون في هذه المهنة لأنها تمنحهم الإحساس بالسلطة.
لماذا لا يكون لدينا حلقة متكاملة لسعودة هذه الورش التي تصل لآلاف الورش في منطقة الرياض وحدها وتدر المال الوفير على العاملين بها؟ نعم لماذا لا تتعاون المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني مع أمانات المدن ومع وزارة العمل ومع بنك التسليف والادخار وصندوق المئوية وغيرها لتعليم وتدريب الشباب السعودي وتوفير الحاضنات لهم للاستثمار في هذا القطاع المربح؟
كلي أمل أن أرى شبابنا السعودي في هذه الورش حيث العمل المهاري الشريف الذي يدر إيرادات كبيرة لاغتنام تلك الفرص الوظيفية والاستثمارية من ناحية ولإيجاد عمالة ذات علاقة وجدانية بنا حيث نبقى جميعا مواطنين بدل الاستغلال الذي نعانيه من معظم الوافدين الذين لا يرون بنا عملاء يجب المحافظة عليهم بقدر ما يرون بنا ضحايا يجب استلابها قدر الإمكان.
****
alakil@hotmail.com