لا يمكن أن يجادل أحد فيما قدّمته الوثائق الأجنبية في الكشف عن جزء غير يسير من تاريخنا المحلي، بل إنها كانت الرافد الوحيد لكم من المعلومات لم تقدّمه المصادر الأخرى.
ومنذ فترة ليست ببعيدة عنت بعض الجهات العلمية وعلى الأخص مكتبة الملك فهد الوطنية بجمع الوثائق المحلية التي كانت أوراقاً مبعثرة في دوائر وجهات مختلفة عدا ما يملكه الأفراد. وقد ساعد هذا الاهتمام على عناية مراكز المعلومات على حذو مسلك مكتبة الملك فهد الوطنية، والنتيجة كم مهمل من الوثائق المحلية لو لم يقيض الله لها من اهتم بها لاندثرت وضاعت مع الوقت.
إن قيمة الوثيقة المحلية أكبر من الوثيقة الأجنبية لاعتبارات منها أنها كتبت من قِبل أشخاص أو مسؤولين محليين تتغلبهم عواطف وشعور بالمسؤولية غير ذاك الموجود عند الوثيقة الأجنبية، ثم هم أبناء المنطقة الأكثر صدقاً في التعبير عن مشاعرهم ومواقفهم والأدق في وصف الحالة أو الحدث.
ومن هذه الأهمية يعتزم قسم التاريخ في كلية الآداب جامعة الملك سعود إقامة (دورة الوثائق المحلية) خلال الفترة من 3 إلى 5 ربيع الآخر 1430ه وحددت أهداف الدورة ب(مساعدة الباحثين في التعرّف على الوثائق المحلية وأنواعها، وكيفية الحفاظ عليها وصيانتها وضرورة إتاحتها للباحثين، وكيفية نشر الوعي بأهميتها في تاريخ المملكة العربية السعودية بخاصة وعلاقتها مع الدول المجاورة بعامة).
ومن المؤمل أن تحقق هذه الدورة أهدافها وأن تسهم في التعريف بقيمة الوثيقة المحلية وكذلك إشاعة استخدامها.
وما يعنيني من هذا الموضوع الذي يشكِّل قناعة داخلي بقيمة الوثائق المحلية هو أن الجهات ذات العلاقة والتي تحتفظ بقدر كبير من الوثائق المحلية إلا أنها تظل مجهولة لعدم وجود أعمال تعرف بها وترشد الراغبين في استخدامها إلى موضوعاتها، ومن ثم فإن وجودها ليس له أي قيمة علمية، إذ ما فائدة أن تملك جهة عدداً كبيراًَ من الوثائق غير أنها غير مستخدمة لعدم وجود فهرس يعرّف بها.
وأشير إلى أنني كتبت حول هذا الموضوع في مقال سابق قبل عام تحت عنوان (متى ينفض الغبار عن وثائقنا)، وفيه طلبت من المؤسسات العلمية في المملكة أن تكشف عن محتوى الوثائق المحفوظة لديها وأن تتاح لمن يحتاج إليها دون (عقبات) أو (ضوابط) أو (محظور) أو (محدودية الاستخدام).
الأمل كبير مع كل الجهود القائمة المؤمنة بقيمة الوثيقة المحلية أن نعيد كتابة تاريخنا المحلي نصحح فيه المعلومات المغلوطة أو ندعم به روايات وأخبار متداولة ونضيف عليه من عمق كتابات من سبقونا والذين حفظوا من خلال ما كتبوه شيئاً من تاريخنا.