القاهرة - مكتب (الجزيرة) - علي البلهاسي:
أكدت دراسة اقتصادية حديثة أن المنطقة العربية، وبخاصة منطقة الجزيرة العربية، من أكثر المناطق في العالم إنتاجاً واستعمالاً لمياه البحر المحلاة، وتقدر كميات المياه المنتجة في الجزيرة العربية بنحو 60% من المياه المحلاة في العالم، ويقدر حجم الإنتاج السنوي بنحو 6.5 مليار متر مكعب.
ودعت الدراسة القمة الاقتصادية العربية المقبلة بالكويت إلى دعم مشاريع البحث العلمي المتعلقة بتطوير تكنولوجيا تحلية المياه، سواء تلك التي تستعمل البترول كمصدر للطاقة أو التكنولوجيا التي تعتمد على الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح في ظل التوسع العربي الكبير في هذا المجال بهدف التغلب على النقص في الموارد المائية بالدول العربية.
وطالبت الدراسة التي حملت عنوان (التحديات المائية في الوطن العربي والتنمية المستدامة للموارد المائية)، بوضع استراتيجية عربية مشتركة لتحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية. وحذرت من أن الدراسات والأبحاث تشير إلى أن معظم الدول العربية ستواجه معضلة مائية في المستقبل المنظور من ناحيتي الكمية والنوعية؛ نظراً لأن الجزء الأكبر من العالم العربي يقع في المنطقة الجافة ذات المناخ الصحراوي والأراضي الزراعية والقابلة للزراعة به محدودة جداً ومعظم مجاري المياه العربية ذات طبيعة دولية.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن العالم العربي يمثل نحو 10% (14.3 مليون كم2) من مساحة اليابسة وعدد سكانه يمثلون 5% (312 مليون نسمة) إلا أنه لا يملك في المقابل أكثر من 0.5% من الموارد المائية العذبة على مستوى الكرة الأرضية.
وحذرت الدراسة من أن هناك هدراً في استعمال موارد المياه في كل القطاعات في الدول العربية، وتدنياً في كفاءة استعمالها، إضافة إلى التردي في نوعيتها كيماوياً وحيوياً. وقالت إن تعدين المياه الجوفية أدى إلى انخفاض منسوبها وارتفاع تكلفة استخراجها وتدني نوعيتها وعدم ضمان ديمومتها، وتفاقمت في العقود الأخيرة مع بروز عوامل جديدة مثل تغير المناخ والنزاع على المياه المشتركة وزيادة استعمالاتها في منابعها.
وأوصت الدراسة بالتغلب على التحدي المائي المستقبلي من خلال التركيز على تحسين وترشيد استعمال المياه والتوسع في تنمية الموارد المائية غير التقليدية وتحسين إدارة الطلب على المياه ومواجهة آثار التغير المناخي مع الأخذ بعين الاعتبار العنصر البشري والعوامل الاجتماعية والاقتصادية في منظومة بيئية متكاملة ضمن مفهوم الإدارة المتكاملة للمساقط المائية. وطالبت بدعم البحث العلمي في حل المشاكل المائية واللجوء إلى تحلية المياه المالحة الأحفورية أو مياه البحر.
كما طالبت الدراسة بتبني إدارة محسنة لاستعمالات المياه في الزراعة وتشجيع الدول العربية على توسيع استخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة مياه الري واستعمال النظم الحديثة. وأكدت ضرورة تقديم الدعم المعنوي والمادي لمؤسسات الجامعة العربية المعنية بقضايا المياه والمؤسسات غير الرسمية مثل المجلس العربي للمياه والأكاديمية العربية للمياه.
كما دعت إلى ربط مراكز البحث العلمي والتدريب في مجال المياه ضمن شبكة علمية لتشجيع إجراء البحوث المشتركة وتبادل الخبرات والعمل على خلق روح التكامل والتعاون بين هذه المراكز.
واقترحت الدراسة وضع استراتيجية عربية للتأقلم مع نقص المياه الناتج من زيادة الطلب عليها أو التغير المناخي وذلك ضمن منهجية علمية تهدف إلى تقليل الاستهلاك المائي على جميع المستويات وتخفيض الفواقد في شبكات المياه ورفع كفاءة استخدام المياه وزراعة المحاصيل المناسبة في البيئات المناسبة.