يعمل بالمدارس الأهلية آلاف المعلمين والمعلمات والإداريون في ظروف مالية سيئة إجمالاً، فرواتبهم الأساسية تتراوح بين 1200 إلى 2000 ريال فقط، ومع قلة الوظائف المطروحة سنوياً لاستيعابهم بالقطاع العام، أصبحوا مجبرين على القبول بالعروض التي تقدم لهم بالقطاع الأهلي، فهم مضطرون لأسباب مادية من جهة وعملية من جهة اكتساب الخبرة، وفي نفس الوقت بتقاضى نظراؤهم بالقطاع العام أربعة أضعاف رواتبهم بالمتوسط، مع العلم أنهم يحملون نفس المستوى العلمي ومتخرجون من نفس الجامعات أو الكليات.
وفي أكثر من مناسبة عبّرت وزارة التربية والتعليم عن عدم تدخلها بتحديد رواتب المعملين السعوديين بالقطاع الأهلي، وهذا ما سمح للكثير من ملاّك هذه المدارس بتحديد مرتبات ضعيفة جداً لا تليق بالمستوى الاجتماعي للمعلم وللتعليم، كونهم مجبرين على تعيينهم بتخصصات لا يشغلها سوى السعودي، أما وزارة العمل فهي أعلنت صراحة أنها لا تنوي فرض حد أدنى للأجور من باب تحفيز أجواء المنافسة بين العمالة الوطنية والأجنبية، رغم أن أغلب الدول تضع حداً أدنى لأجرة ساعة العمل، ولكن يجب أن يكون هناك تحديد لمهن يجب أن تتدخل وزارة العمل بوضع حد أدنى لأجورهم. إنّ النظر لهذه الفئة المهمة والاهتمام بوضعها، ينطوي على فوائد عديدة، فمن الناحية الاجتماعية يوجد مساواة بينهم وبين نظرائهم بالتعليم الحكومي، كما يحفزهم على العطاء بشكل أفضل، أما من الناحية الاقتصادية فهذا يساعدهم على تحمل متطلبات الحياة، ويفتح الأمل أمامهم لبناء أسر وزيادة إنفاقهم، كما أن بقاء وضعهم المادي معلّق بهذه الطريقة يجعل نظرتهم لوظائفهم الحالية على أنها مؤقتة وهم محقون بذلك، لأن فائدتها معدومة ومستقبلها غامض، بالإضافة إلى نظرتهم لمستقبل رواتبهم بعد التقاعد، فما يتم دفعه للتأمينات الاجتماعية يأتي على أساس معدلات رواتب ضعيفة، وبالتالي فإن التقاعد سيكون محسوباً على أساسها، وبهذه الحالة سيكون مستقبلهم قاتماً ولا يشجع على البقاء بتلك المدارس وتحت هذه الظروف.
فإذا كانت وزارة التربية تعترف بهؤلاء المعلمين وتقبل كل من يتعلم على أيديهم، فعليها أن لا تتركهم بهذا المستوى المعاشي الصعب، ويفترض أن تتدخل لوضع حد لمعاناتهم، حتى لو كان ذلك بتحمل جزء من رواتبهم، وأن يكونوا تحت إشرافها كحال المعلمين بالمدارس الحكومية، وكذلك لوزارة العمل دور حيوي بوضع هذه الفئة المهمة تحت شروط عمل خاصة تفرض على صاحب المنشأة، فكثير من المدارس توقف رواتبهم بإجازة الصيف، فمن أين سينفق على نفسه، وما هو المبرر الذي يحرمهم من رواتب لفترة تمتد لثلاثة أشهر بالمتوسط سنوياً، فالمدارس الأهلية تحقق أرباحاً طائلة وتحصل على إعانة حكومية سنوياً، ويلعب هؤلاء المعلمون دوراً بارزاً بإنجاح تلك المؤسسات .. فمتى سنرى تحركاً واقعياً يبني مستقبلاً واضحاً لهم؟.