Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/01/2009 G Issue 13247
الأحد 07 محرم 1430   العدد  13247
غزة وحناجر العاطفة !!
د. محمد أبو حمرا

 

غزة جزء عزيز من وطننا الكبير، أهلها أهلنا، وهم منا ولنا، ونحن منهم ولهم، وما يحدث فيها شيء مؤلم ويدل على حقد الصهاينة على كل ما هو مسلم سواء في غزة أو غيرها.

والهجمة الحقيرة الحاقدة على غزة تثير شجوناً كثيرة لدى أصحاب الغيرة، لكنها أيضاً تعمي عن حقائق شبه ظاهرة تختفي خلف العاطفة المؤقتة التي تستبين بعد ضحى الغد.

قنوات كثيرة وحناجر واسعة تلسع العرب بكل قبح وعدم حياء، بعضهم يقول: الله (يخيّبكن) يا عرب، والآخر يرمي الجمرة في حضن مصر وكأنها هي التي أثارت مشكلات الحماسيين وجعلتهم هكذا، والحناجر الأخرى لا تستحي وتقول: لا نريد منكم بطانيات ولا أدوية. وغيرها حناجر مهمتها شتم العرب الآخرين، وخاصة الخليج ومصر. وهذا الشتم يجيء بعد أن اشتدت الوطأة على إخواننا في غزة، وكأن الكل مسؤول عن سلوكيات قادة حماس وعن تحريكهم بهذا الشكل الغبي الذي أوقعهم في مصيدة الهجمة الهمجية الغادرة.

وهؤلاء العاطفيون يسكنون في أرقى المساكن في لندن وباريس، ومهمتهم الهجوم على العرب لإخفاق حماس في تدبير أمورها بحكمة وتعقل فقط.

يقولون: العاقل يعرف كيف يرد وكيف يصدر. فهل قادة حماس عرفوا أن إطلاق صاروخ ضعيف، يتحرك ثم يسقط في أرض يباب ويثير الضجة دون أن يصيب هدفاً واحداً سيجعلهم هكذا؟

إذا كانوا يدركون ذلك فمعناه أنهم يحكمون على سكان غزة المدنيين بالهلاك والسحق، وإذا كانت تقودهم عاطفة هوجاء فهو أسوأ مما لا يدرون عنه، أما إذا كان المحرك لهم شيء آخر يلعب من خلف الستار ليوقع بينهم وبين العرب والفلسطينيين فهذا منتهى السذاجة أن يكونوا لعبة شطرنج ضحيتها أطفال غزة وكبار السن فيها الذين لا يجدون ملجأ من أزيز الطائرات الصهيونية التي وجدت مدخلاً عبر صواريخ القسام لتهلك الحرث والنسل في غزة، بل جعلت أشقاء لهم في أرضهم يقولون عبر الشاشات ما يتشفون به من أشقائهم في الأرض والوطن والاتجاه.

هناك لعبة كبيرة قذرة في غزة لم يعرف قادة غزة من يلعبها ويحرك خيوطها الخفية التي هم منها، وهناك مستفيد كبير من إسالة دماء الشعب البطل البريء، وهناك وجوه شاحت رغم أنها في الظاهر تناصر غزة وتشتم العرب للتشفي فقط. أشياء لن يعرف الغزاويون خفاياها إلا بعد أن تنجلي الغمة التي نرجو من الله أن تنقشع عن إخواننا المغرر بهم هناك.

غزة أصبحت أداة في يد خفية قد نعرف رؤوس أصابعها، لكن بقية اليد لن نعرفه إلا فيما بعد، وهنا مشكلة العقل العربي الذي تسيره العاطفة وتورده في مهالك العالم الحاقد أيضاً.



abo-hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد