بحر البقر، قانا، الحرم الإبراهيمي، صبرا وشاتيلا.. وغيرها الكثير من المجازر المتكررة والمدونة في كتب التاريخ تشهد بوضوح على استقواء العدو الصهيوني ووحشيته وهمجيته المعلنة، والتي لا توقفها إلا لغة القوة.
جواهر، دينا، سمر، إكرام، تحرير، شهيدات خمس
في عمر الزهور، فتيات نبكي عليهن ما حيينا، فقط ليتخيل كل واحد منا أن الشهيدات الخمس هن بناته، كم تكون حجم المأساة والكارثة التي يصاب بها؟ كان الله في عون الأب أنور بعلوشة، الذي استيقظ من نومه على مشهد لجثث بناته الخمس اللاتي كن نائمات استعداداً للذهاب إلى المدرسة، وإذا بهن يصبحن شهيدات في لحظة قصف غادرة من عدو لا يعرف غير اغتيال البراءة لغة يتحدث بها.
الصورة التي بثتها وكالات الأنباء كانت أبلغ دليل على أنه لا حلاً سلمياً مع هؤلاء الصهاينة مهما نادى المطبعون بضرورة إحلال السلام مع كيان لا يعرف السلام، والغريب أن كثيراً من الكتاب الذين أنعتهم بالجهلاء يعترفون ضمن كتاباتهم بإسرائيل بقولهم دولة إسرائيل، والذي من المفروض أن يرفض كل كاتب شريف مجرد الاعتراف كتابة بأن إسرائيل دولة.
صورة الشهيدات أبكت الكثيرين من الذين خرجوا في تظاهرات جابت شوارع العواصم العربية تعلن رفضها لكل الانتهاكات والمجازر غير الإنسانية التي تقوم بها إسرائيل في شعب أعزل، تُعمل آلياتها الغليظة في الأطفال والنساء والعزل من السلاح، والقصف مستمر حتى هذه اللحظة، وما عرفته من التاريخ أن إسرائيل لا تعرف ولا ترتدع بغير لغة القوة، مهما تلونت هذه اللغة، فهي اللغة الوحيدة المقنعة لأناس لا يعرفون غير لغة القتل والتشريد من أجل تمديد فترة وجودهم محتلين للأراضي العربية التي من بينها المسجد الأقصى الذي اجتاحوه بأرجلهم الوحشية القذرة، لا أجيد لغة (الردح) لكن الموقف أكبر بكثير من أي (ردح)، من المؤكد أن حتى هذه اللغة غير مؤثرة ولا طائل من ورائها، بل ألوم كل من يستخدمها، لكن مشهد الشهيدات الخمسة اللاتي قتلن بأيد همجية لا يجدي الرد بالكلمات معه أي نفع، ولا يجد معه إلا استنفار كل قوانا الخائرة والاستعداد لمواجهة حقيقية بيننا وبين إسرائيل.
أمقت كل لغة للموت والحرب، لكن لا يمكن التعامل مع مثل الكيان العبري العنصري إلا بهذه اللغة التي لا تفهم غيرها، حتى وإن اتهمت بأني عدو للسامية، فهم أعداء للإنسانية، وليس الوقت وقت مزايدات وإلقاء التهم ونفضها من كتف إلى آخر، وإنما الوقت هو اختبار صعب للعرب خصوصاً والإنسانية عموماً، في كيفية إدارة هذه الأزمة التي مع تكرارها يأتي التحرك العربي متأخراً جداً، وكعادتنا ننفق الملايين على إنشاء وحدات الغسيل الكلوي من دون الإنفاق على تحلية المياه التي تقي من الفشل الكلوي، بمعني أننا لابد من الوصول إلى حل جذري ومنطقي مع هذه الهمجية الإسرائيلية التي تمارس بشكل متعمد ضد كرامة كل عربي!
المجزرة التي تمارسها إسرائيل لن توقفها كلمات المقالات ولا الخطب العصماء ولا حتى قصائد الشعر المطولة التي نكيل فيها الشتم والسباب و(الردح) الذي لا طائل من ورائه، لكن الحل الحقيقي هو الضغط بكل ما نملك نحن العرب بكل مواردنا على إسرائيل من أجل عدم تكرار مثل هذه المجازر التي تصر دوماً أن تفسد بها أي فرحة سواء بحلول عيد، أو باغتيال براءة الأطفال.
افرحوا أيها المطبعون بتطبيعكم، وتسولكم السلام، ناموا في مخادعكم آمنين، فلن تصل إسرائيل إليكم، لن يقتل أحد أطفالكم، لن يقلق راحتهم، لن يقطعوا أحلامهم في الألعاب والحلوى، والخروج للتنزه احتفالاً برأس السنة الهجرية أو الميلادية.
ناموا أيها المطبعون واملأوا عيونكم بالنعاس، فأنتم في أمان من القصف العشوائي الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الأعزل.
لكن قبل أن تناموا تذكروا جيداً صورة (الشهيدات الخمس)!
aboelseba2@yahoo.com